عمر إبراهيم الرشيد
لو لم يكن هناك (إسرائيل) لصنعناها، هذا ماقاله الرئيس الأمريكي جو بايدن، سائراً على نهج قرينه وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور الذي أصدر بياناً سمي بوعد بلفور وذلك عام 1917م، ينص على دعم بريطانيا للحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود في فلسطين. وليس أدل على هذا التقفي للنهج المسيحي الصهيوني من قدوم بايدن إلى تل أبيب دعماً لها ولعدوانها على سكان قطاع صغير لايتجاوز مساحة حي من أحياء واشنطن، عدا عن قصف الطيران الحربي الصهيوني لمستشفى يغص بالأطفال والنساء والمرضى، فما بالك والتعبئة على أشدها لاقتحام القطاع فكيف سيكون حال أهل غزة العزل، فهل بعد هذا الغي من غي؟
وبقدر ما ارتوت أرض غزة بدماء قتلاها من المدنيين كباراً وصغاراً، بقدر ما انفضحت سياسة المحتل الإعلامية ومحاولات تضليل الرأي العام الدولي، عكس المواجهات السابقة، ولعل الثورة الرقمية وإعلام الأفراد عبر منصات الإعلام الاجتماعي هي ماكسرت هذا الجدار الزجاجي الضبابي الذي ظلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي تمارس وراءه في السابق أبشع جرائمها. وقد ظنت في هذه الحرب أنها مازالت بمأمن وأن ذاك الجدار مازال منيعاً، فكذبت بشأن ذبح أطفال ونساء إسرائيليين ثم تبينت الحقيقة، وكذبت بشأن صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي على المستشفى المعمداني بالخطأ، ثم تبينت الحقيقة بأن ذلك محاولة بائسة للتنصل من مسؤوليتها عن هذه الجريمة الشنيعة.
إن التفاف قوى الاحتلال المعروفة (أمريكا، بريطانيا وفرنسا) حول حكومة الاحتلال الإسرائيلية إنما هو امتداد لتاريخ هذه القوى الاستعمارية في المنطقة. والمضحك المبكي لجوء حكومات هذه القوى لقمع أي تنديد وفضح لجرائم إسرائيل، حتى ألمانيا لم تسلم من هذه اللوثة، وهم يحاضرون ليل نهار على رؤوسنا عن الحريات والديمقراطية وحرية التعبير، ولله در وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير عندما قال في مؤتمر ضمه مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي (توقفوا عن إلقاء المحاضرات علينا). فيا ترى متى يستفيق الغرب الصهيو - مسيحي من هذا الغي؟ إن غداً لناظره قريب.