إعداد - عبدالله عبدالرحمن الخفاجي:
الفن التشكيلي هو تلك اللغة البصرية المشتركة في العالم أجمع، وهو المشاعر التي يترجمها اللون بمفردات تلامس المشاعر وهو التوثيق البصري الذي ينقل الثقافة ويوثق التاريخ والموروث ويحفظ مفردات التراث على مر السنين ولعلنا نرى في النقوش الأثرية المتواجدة في جل الحضارات القديمة منذ نشأة البشرية ما نقل لنا تاريخهم وحفظ حضاراتهم وعكس ثقافاتهم وعلومهم من خلال الرسم، اللغة التي لا تنقرض مفرداتها ولا حصر لكلماتها.
وقد بدأ الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية في نهاية خمسينيات وبداية ستينيات القرن الماضي، حيث أدرج الفن ضمن المناهج الدراسية وتم افتتاح معهد التربية الفنية بالعاصمة الرياض واستَقطب عدداً من الفنانين العرب إلى المملكة لتعليم الفن فيه وبدأ أيضاً الابتعاث الخارجي للفنانين السعوديين آنذاك والذين كانوا أساس بداية الفن التشكيلي والمعارض التشكيلية في المملكة وخارجها بدعم ملحوظ من الحكومة وأصبحوا أساتذة للفن في معهد التربية الفنية والمدارس وغيرها، وبدأت المعارض تتنقل بين مدن المملكة وأسست جمعيات وجماعات وصالات للفنون لتكون محطات دعم وجذب للفنانين التشكيليين.
توثيقاً للفن التشكيلي السعودي
معهد مسك للفنون التشكيلية جمع أعمال الفنانين الأوائل في المملكة
أوضحت كبير القيمين الفنيين في معهد مسك للفنون أ. بسمة الشثري أن معرض من حولهم هو معرض يسلط الضوء على تاريخ الفن التشكيلي السعودي، وقالت: (لقلة التوثيق في الفن التشكيلي أردنا في معهد مسك للفنون المساهمة في توثيق التاريخ التشكيلي في المملكة، حيث إننا لانرى هذه الأعمال مجرد أعمال فنية، إنما هي إرث لوطننا المملكة العربية السعودية، جمع هذا المعرض (20) فناناً من رواد الفن التشكيلي السعودي و(55) عملاً فنياً من أعمالهم، فكرة هذا المعرض أنه كيف استطاع هؤلاء الفنانون تشكيل هوية المشهد الفني في المملكة العربية السعودية وهوية الفن التشكيلي السعودي، كيف استلهموا من بيئتهم هذا الفن سواء كانت بيئة الطبيعة أو البيئة الثقافية والمجتمعية أو البيئة المعمارية، بيئة كل (من حولهم) حيث أخذ الفنان منها واستطاع ترجمته بأعمال فنية ووضع فيها من شخصيته وأسلوبه.
عملنا بقسم التقييم الفني في معهد مسك للفنون على هذا المعرض، حيث بحثنا في كل ما هو متاح لنا من صحف ومجلات وكتب، تواصلنا مع مؤرخي الفن التشكيلي في المملكة، كما تواصلنا مع الفنانين وزرناهم بعضهم في مراسمهم، جمعنا كل ما وجدناه في كتيب للمعرض وضعنا فيه السير الذاتية للفنانين المشاركين وصور أعمالهم ليكون مصدراً لمن يبحث عن هؤلاء الفنانين، جمعنا الأعمال المشاركة من مقتنين وجاليريات وبعض الأعمال تم جلبها من مؤسسات ومتاحف من خارج المملكة، كما أضفنا لهذا المعرض مكتبة مصغرة تحوي على أغلب الكتب المتعلقة بالفنانين المشاركين وتاريخ الفن التشكيلي السعودي، يستمر هذا المعرض لمدة (5) أشهر ويصاحبه العديد من الفعاليات التي سيعلن عنها في موقع المعهد، تم تصميم المعرض من خلال مصممي معهد مسك حيث اهتم المصممون بالعمل الفني وآلية إبرازه بشكل يليق به حيث يكون هناك مسار يسهل التنقل بين الأعمال ويضفي المتعة للمتلقي).
وفي حديث لـ»الجزيرة» مع الفنان التشكيلي يوسف جاها قال: (استضافة مسك لرواد الفن التشكيلي السعودي وجمعه في مكان واحد في صالة الأمير فيصل بن فهد بصمة حقيقية لرفعة الفن السعودي، أنا أحد المشاركين في هذا المعرض حيث تتسامى روحي مع أرواح الفنانين التشكيليين المشاركين، هذا المعرض أعاد لي روح الفنان التشكيلي التي غابت عني فترة من الزمن، من النادر أن نجد معرضاً يضم كبار ورواد الفن التشكيلي السعودي وتشاهد أعمالهم على حقيقتها منذ بدايات الفن في المملكة، هذه الفعالية التي أقامها معهد مسك الكريم تصب في تاريخ الفن التشكيلي في المملكة وتعطي دافعاً قوياً للشباب الناشئ الذي يبحث عن جذور وتاريخ الفن في وطننا الغالي) وأعرب عن شكره وتقديره لمعهد مسك والقائمين على هذا المعرض بما قدموه منذ إعداد المعرض إلى إقامته.
وقال الفنان التشكيلي عبدالله الشلتي: (معرض جمع نخبة من فناني المملكة أصحاب خبرات كبيرة وتجربة عريقة منذ بداية الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية، بادرة عظيمة أقامتها مؤسسة مسك تعتبر من الأشياء التي نعتز بها كونهم اهتموا في نخبة من الفنانين التشكيليين في المملكة، اللوحات المعروضة تعبر عن تاريخ الفن السعودي والفن يعتبر قياس حضارة الشعوب، تمتلك المملكة العربية السعودية ولله الحمد الكثير من الفنانين التشكيليين، وهذا المعرض يعكس بدايات الفنيين وتعبيرهم عن بيئاتهم وثقافاتهم، نتمنى أن يكون هذا المعرض نواة لمتحف تشكيلي سعودي، كل الشكر لمسك وللقائمين على هذا المعرض على كل ما قدموه من جمع للأعمال والتواصل مع الفنانين والاهتمام بأدق التفاصيل وعلى حفاوة استقبالهم وكرم ضيافتهم).
وقالت د. مها عبدالحليم رضوي ابنة الفنان التشكيلي الراحل عبدالحليم رضوي (رؤية مسك في هذا المعرض جمع مؤسسي ورواد الفن التشكيلي في هذا المعرض منذ 1959 إلى 1989م وهي مرحلة الولادة للفن بالمملكة والمرحلة الذهبية، حيث جمعوا العديد من اللوحات الهامة ومنها مجموعة من أعمال والدي في مراحل مختلفة من مسيرته الفنية، أنا جداً فخورة بهذا الإنجاز العظيم الذي أرخوا من خلاله بدايات الفن لكل فنان من الفنانين المشاركين ومراحل أخرى أيضاً من مسيرته، وهذا يبرز في أعمال والدي المعروضة التي مثلت العديد من مراحله إلى أن وصل إلى مدرسته الفنية الخاصة به).
حرصت مسك على أدق التفاصيل بهذا المعرض بدءاً من البحث عن المعلومة وتحري دقتها لتجمع موسوعة بصرية على شكل معرض متحفي وثق أربعة عقود من الفن التشكيلي السعودي منذ الولادة إلى الازدهار.
عمل على هذا المعرض نخبة من منسوبي معهد مسك للفنون على مدى أشهر ليظهروا هذه الحقبة العظيمة من مسيرة الحركة التشكيلية السعودية وليوثقوا تاريخها ومعلوماتها ومراحلها لتكون مصدراً ومرجعاً علمياً وبصرياً للباحثين، ولتكون فخراً واعتزازاً بهذا الإرث الوطني العظيم.
يحرص معهد مسك للفنون منذ تأسيسه - التابع لمؤسسة محمد بن سلمان الخيرية مسك - على النهضة بالفن التشكيلي في المملكة ودعم الفنانين التشكيليين من خلال معارض وفعاليات وبعثات فنية وبرامج إقامة وغيرها الكثير بكل ما يخدم الحركة التشكيلية بالمملكة وهذا المعرض هو أحد الإنجازات الكبيرة التي تحسب لمعهد مسك وللفن التشكيلي السعودي امتداداً للدعم غير المحدود من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين سيدي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله واهتمامهم بثقافة المملكة وإرثها وحضارتها وتاريخها إضافة إلى حاضرها ومستقبلها.
أسماء الفنانين المشاركين (بالترتيب الأبجدي):
أحمد فلمبان، سعد المسعري، صفية بن زقر، طه الصبان، عبد الجبار اليحيى، عبد الحليم رضوي، عبد الحميد البقشي، عبد الرحمن السليمان، عبد الستار الموسى، عبد العزيز الحمّاد، عبد الله الشلتي، عبد الله الشيخ، عبد الله حمّاس، علي الرزيزاء، د. فؤاد مغربل، د. محمد الرصيص، محمد السليم، محمد المنيف، منيرة موصلي، يوسف جاه
** **
تويتر: AL_KHAFAJII