أ.د.عثمان بن صالح العامر
من النعم التي منّ الله علينا بها نعمة التلذذ بالأغذية (طعمها ولونها ورائحتها)، ولو تأملنا في الفواكه والخضراوات التي في موائدنا وبين جنبات مزارعنا لوجدنا عجيب صنع الله فيها، ولأدركنا عظيم فضله على بني البشر في التنوع والاختلاف بين هذه المنتجات الزراعية، مع أنها تزرع في تربة واحدة، وتشرب من ماء متماثل ويشرف عليها ويقوم على شأنها نفس المزارع وذات العمالة، فسبحان من فاضل بينها ومايز، ولذا فإن احتفاءنا بيوم الأغذية العالمي والذي يوافق يوم السادس عشر من شهر أكتوبر في كل عام يوجب علينا نحن من شرَّفنا الله بالانتماء لدين الإسلام أن نقف متأملين في صنع الخالق وإبداعه فيما نأكل ونطعم ونحن نعيش في وطن آمن {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}.
وحتى تستشعر القارئ الكريم هذه المنَّة الربانية العظيمة لك أن تتصور أنك سلبت حاسة الذوق، فصار الكل عندك سواسية بلا طعم، أو حتى الشم، أو أن الطبيب حذَّرك من تناول فواكه تحبها وتتلذّذ بتناولها، أو أن وضعك الاقتصادي وقدرتك المالية لا تسمح لك بشراء ما تراه في السوق، فكيف سيكون حالك؟
والشيء بالشيء يذكر، كما هي القصص والحكايات التي كنا نسمعها عن استغراب من سبقونا بالعمر عندما تم استيراد الموز للمملكة مثلاً، إذ غإ هناك من أكله بقشره، وآخر أكل القشر فقط قياساً منه على الرطب الذي هو معروف لديه، وثالث لما قراء في كتاب المطالعة (القراءة) في الصف الأول الابتدائي (لا ترمِ قشر الموز) تعجب من هذه الفاكهة التي لها قشر حين شاهد الصورة المصاحبة لهذا التحذير، وقس عليه أنواعاً أخرى من الفواكه التي لم تكن معروفة في بلادنا من قبل.
ومن القصص التي تُروى في هذا أن الشيخ السعدي -رحمه الله - أعطى الشيخ ابن عثيمين تفاحة طلَّعها من جيبه، وكان الشيخ ابن عثيمين لا يعرف التفاح.
سأل ابن عثيمين شيخه السعدي -رحمهما الله-: إيش هذه؟
قال: تفاحة، نوع من الفاكهة.
قال ابن عثيمين: ما يصنع بيها تطبخ وإلا إيش؟
قال بما معناه: تقطع وتؤكل.
ففرح بيها الشيخ ابن عثيمين وروح بيها لبيته فرحاً، قطعها وقسمها على أهله وكانت أول مرة في حياته يعرف فيها التفاح ويذوقه.
فالحمد لله على ما نحن فيه من تنوّع الأغذية، وأكلنا فاكهة الصيف في الشتاء وكذا العكس، بل أكلنا فواكه الدنيا بأسرها ونحن في وطن العز والنماء المملكة العربية السعودية.
بقي أن أشير هنا أن الله -عزَّ وجلَّ - ذكر في كتابه الكريم من نعيم أهل الجنة أنواعاً عديدة من الفواكه، وقد بيَّن علماء الأمة وأهل التفسير أنها لا تماثل ما نعرفه في هذه الحياة إلا بالأسماء فقط، أما الحقائق فبينهما من التفاوت والاختلاف ما لا يعلمه إلا الله، فاللَّهم كما أنعمت علينا من أكلنا فواكه الدنيا لا تحرمنا ما في الجنّة من نعيم، وإلى لقاء والسلام.