أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: وَرَدَ في قِصَصِ بعضِ الأدباء: أنَّ هذا المكانَ قَدْ اِنْفَصَلَ مِن ذلك المكانِ، وأنَّ تلك الْقَلْعَةَ الحجازِيَّةَ كانت أَرْضاً شامِيَّةً؟.. ويَهُمُّنِيْ (الْحَكَواتِيُّ)، وما اشتهَرَ عند بعضِ أهْلِ نجدٍ في عصورِالْعامِيّْيَةِ؛ فمن ذلك (جَبَلُ سَنامٍ العراقيُّ)؛ فهو عند (الحكواتِيِّ): جَبَلٌ حجازِيٌّ؛ فكيفَ أصْبَحَ عِراقِيّْاً ؟.. قال (الحكواتِيُّ) : إنَّهُ حَنَّ إلى (الزُّبيرِ بن العوَّامِ) رضي الله عنه بعد اِسْتِشهادِهِ؛ فسارَ حتَّى اسْتَقَرَّ عنده ، والبرهانُ على أنَّه حجازيٌّ في الأصْلِ: أنَّ فيه نباتاتٍ حِجازِيَّةً .. وَقِيلَ: بلْ مَسَّهُ الجوعُ فسار إلى العراق.. انظر عن ذينك كتابَ الشيخ العبودي (بلادُ القصيم) 6/2486.. وهناك اِسْتِنْباطاتٌ مِن قِبل العوامِّ كقولِ بعضِهِمْ : (إنَّ الجبل الحجازي سيسير إلى العراق) ، ولكنه عند بعضِهم لم يَسِرْ بعد .. ذكرَ ذلك (أبو عبيدٍ البكرِيُّ) رحمه الله تعالى ؛ فقال: (سنامٌ جبلٌ بالبصرة يقال : إنه يَسِيْرُ مع الدَّجال؟.. وجاء هذا الاسْتنْباطُ العاميُّ من النصوصِ الشَّرْعِيَّةِ عَمَّا يُمْضِيْهُ الله سبحانه وتعالى مِن قُدْرَةٍ خارِقَةٍ تكون مع (الدَّجَّال) لعنه الله ؛ فتكونُ مَعَهُ جِبالٌ مِن الأرزاقِ .. قال عبدُ الله بنُ مُسْلِمٍ قال: روى حمَّادُ بنُ سِلَمَةَ : عن عليٍّ بن زيدٍ : عن عثمانَ النَّهْدِيِّ رحمهم الله تعالى : عن (كعبِ الأحْبارِ) ؛ وهو غايَةٌ في اخْتلاقِ الأكاذيب: أنه قال للنهدِيِّ: إلى جانِبِكُمْ جَبَلٌ مُشْرِفٌ على الْبَصْرَةِ يُقال له (سنامٌ)؟؛ فقال النَّهْدِيُّ: نَعَمْ ..فقال: الكذَّابُ: فهل إلى جانِبه ماءٌ كثيرُ السَّافِيِّ .. قال النَّهْدِيُّ : نَعَمْ .. فقالَ الكذَّاب: (فإنه أوَّلُ ما يرِدُه (الدَّجالُ) مِن مِياه العربِ).. اُنْظرْ (مُعْجَمُ ما اسْتَعْجَمَ) 2/578.
قال أبو عبدالرحمن: إنَّ (كَعْبُ الأحبارِ): يُقَوِّلُ أهْلَ الكِتابِ ما ليس في كُتُبِهم من لاهوتِهم الطبيعي الذي يعتقدون أنه تنزلُ الله بلا تحريف ، أو تيديْلٍ، ومن لاهوتِهم البشريِّ الذي يَضَعُهُ الحاخامات؛ والأسْطُورَةُ النجديَّةُ الشَّعْبِيَّةُ: غيرُ كلِّ ما ذكرَهُ (كعبُ الأحبارِ)؛ ومُوْجَزُها : أنَّ (وادي الرُّمَةِ) جُرْفُ جبلِ (سنام) من الحجاز؛ فألقاهُ في البصرةِ.. أو أنَّ الجبل حَسَبَ روايةِ الشيخ العبودي في كتابه (بلادُ القصيم) 6/2483؛ إذْ قال: (إنَّ الرُّمَة كان يستمر في جريانه حتى يصب في سواد العراق عند البصرة؛ ولكن الذي أوقفه عن ذلك ظهور رِمال (الثويرات) ؛ والدهناء، ويدللون على هذا القول: بأنَّ هناك ما يشبه مجرى الوادي إلى الشرق من الدهناء ويُسَمَّى الآن (الباطن)، وكان يسمى قديماً (بطن فَلْج) بفتح الفاء وإسكان اللام.. ويقولون: إنه كان مجرى وادي الرُّمَة في القديم من القصيم إلى العراق).. ومن ألغاز العامة في ذلك قولهم شعراً:
رِجْلَيْهِ بالبصْرةِ وصدْره بابانات
وْمْشَرَّعٍ يشربْ بحوض المدينة
فمصبُّ (وادي الرمة) هو رجلاه بالبصرة ، وكونُه ينبع من شرقِ (خيبر): يعني أنه يشرب من حوض المدينة المنورة.. قال ياقوت: تقول العرب عن عكاش: إنه زوج طمية سمكهما واحد، وهما يتناوحان، وفيهما قيل:
تَزَوَّجَ عَكَّاشٌ طَمِيَّة بعدما
تأيَّم عَكَّاشٌ وكاد يشيبُ
.. انظر كتاب (معجم البلدان 4/42]، وإلى لقاء قادم إنْ شاء الله تعالى، والله المُستعانُ.
** **
كتبه لكم/ أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري - (محمد بن عمر بن عبدالرحمن العقيل) - عفا الله عَنِّي، و عنهم، وعن جميع إخواني المسلمين -