سمر المقرن
لم أفهم بعد، الشعور الذي يعيشه -بعضهم- عندما يؤذون الآخرين؟ لكن أتوقع أن هذا الأمر يرتكز على (الإدراك) وشعور هذه النوعية من البشر بأن لديهم مشكلة تحتاج إلى معالجة وسلوكيات تحتاج إلى تصحيح! المشكلة الأكبر في هذه الفئة، أن الإحساس شبه معدوم لديهم ولا يشعرون مطلقاً أنهم داخل مشكلة حقيقية ضررها عليهم وعلى من حولهم.
ولعل حادثة الخرج المؤلمة التي تابعناها جميعا خلال الأسبوع الفائت شاهد ودليل على هذه الديباجة التي بدأت منها، فبداية فتيل شعلة النار جاء من حيث الهمز واللمز والتنابز من قِبل رجل كبير بالسن تجاه أبناء أخيه الأيتام، بل إن هذا السلوك المشين تشربه أولاده وبدأ وإياهم يُفاخرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهذا، ما وصل إلى جريمة بشعة راح هو وأطفاله ضحيتها وضاع معهم مستقبل الشباب الأيتام، وجراح في قلوب أمهات مكلومات لن يردمها الزمن، وهذا كلّه بسبب «التنابز» الذي يراه -بعضهم- مع بالغ الأسف أمراً عادياً، وأحياناً يُعد سلوكاً مضحكاً هناك من يراه من باب الفكاهة، مع أنه فعل موغل بالفظاظة والكراهية!
من هذه اللحظة، ينبغي على أي شخص يُمارس مثل هذا السلوك أن يأخذ من هذه القصة وغيرها العظة والعبرة، وأن يراقب هذه النوازع الشريرة بداخله، وأن يكون مُدركا لمشاعره وأن عليه التصحيح حتى لا يقع عليه وعلى الآخرين أي ضرر!
سؤال بسيط جداً، لو سأله أي شخص من هذه الفئة لنفسه، ما الفائدة أو ما المتعة التي تتحقق عندما ينتقص من الآخرين ويقلل منهم، أو حتى يُظهر عيوبهم؟ هل هو شعور بالانتصار؟ الانتصار لمن؟
جمال الإنسانية في آلية التفكير العقلانية، والشعور بالناس واحترامهم، وقبل هذا الشعور بالذات واحترامها، لأن السلوكيات العدوانية هي من مؤشرات عدم احترام الشخص لذاته وبالتالي يصعب عليه احترام غيره.
مهما امتلأ بعض الأشخاص بالشر، فإن هناك طرقا كثيرة وأساليب عديدة لتصريف هذه المشاعر بعيداً عن إيذاء الآخرين، وذلك بتعديل هذه النوازع واستبدال العبارات المليئة بالتنابز والهمز واللمز إلى ألفاظ تجلب المحبة وتمحو الكراهية.
كل شخص بإمكانه التغيير، بما فيهم الأشرار إن هم أدركوا أنهم أشرار!