عبده الأسمري
ما بين دراسة الاختصاص وممارسة التخصص ومن أعماق السلوك إلى آفاق المسلك بنى «صرح» سيرته على أركان «متينة» من الكفاح وأعمدة «راسخة» من الفلاح.
تعمق في «علم النفس» فامتطى «صهوة» التأليف وسخر حظوة «الألفة» حتى دمج «المهنية» و»الإنسانية» في مركبات احترافية حصد بها الثناء في الأثر ونال بها الاستثناء في التأثير.
اغترف من «مشارب» الوفاء فروى «مشاهد» الاستيفاء وحظي بشواهد «الاحتفاء» ليكون الرقم الصحيح في معادلة «الإيثار» والناتج المؤكد في متراجحة «المآثر».
صال وجال في ميادين «الريادة» رافعاً راية «التمكين» ومترافعاً عن غاية «التمكن» حتى وزع «بشائر» التنمية في محافل «القرار» وأهدى «تباشير» الحضارة في منصات «الاقتدار».
منح للثقافة عمره فأهدته «أوسمة» المعرفة فكان «الخبير» المنوع صاحب الخبرات المتنوعة والدراسات النوعية التي رتب بها مواعيد «الضياء» على بوابات «الأمنيات».
إنه عضو مجلس الشورى ومدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الأسبق معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبد الله الدخيل رحمه الله أحد أبرز رجال الدولة وقيادات التعليم العالي في السعودية والخليج.
بوجه مسكون بالوقار مكنون بالهدوء وتقاسيم تتكامل مع والده وتتماثل مع أجداده وعينان واسعتان تنضخان بالفطنة وتسطعان بالحنكة وملامح مألوفة تتعامد على محيا عامر بالابتسام وغامر بالإلهام وأناقة وطنية تعتمر البياض المسجوع بنقاء قلبه وصفاء سريرته وشخصية ودودة الطبع أصيلة التعامل نبيلة الخلق زاهية الوصال باهية التواصل وكاريزما يعلو فيها صدى التهذيب ويتجلى منها مدى الأدب وصوت بلكنة خليطة ما بين لهجة حجازية بحكم النشأة ولغة مجازية باحتكام التنشئة وعبارات ممتلئة بفصل الخطاب ومكتظة بأصل الجواب تتسامى منها مفردات الخبرة وتتعالى فيها انفرادات المسيرة وحضور مكلل بالبروز وتواجد مجلل بالأثر قوامه الدرجات العلمية ومقامه المنجزات العملية قضى الدخيل من عمره عقوداً وهو يملأ مجالس إدارات الشركات الكبرى بعبير «التميز» وينثر في أورقة الجامعات أثير «الامتياز» ويؤسس في صفحات «الانفراد» خطط النماء ويبهج ومضات «السداد» بمعاني الانتماء ويضئ مطالب «المناصب» بفصول الفارق ويبهج متطلبات «الصلاحيات» بأصول الفرق ويكتب للأجيال «مناهج» التطور أكاديمياً وباحثاً ومؤلفا ً وقيادياً وريادياً وشورياً وضع اسمه في قوائم «الكبار» وترك صداه في مقامات «الاعتبار».
في الطائف عروس المصايف ولد في صيف 1940 أثناء إقامة أسرته في المدينة الباردة على قمم السروات واحتفت منازل الطائفيين والمكيين والنجديين من رفقاء والده وأصدقاء عائلته بالقدوم المبارك الميمون ثم عادت الأسرة الشهيرة بالثقافة والمعرفة إلى مكة المكرمة حيث نشأ «الطفل النبيه» في «حارة الباب» الزاخرة بالنبلاء والفضلاء من أبناء الحجاز وأهالي القصيم وعائلات نجد.
تفتحت عيناه طفلاً على أب كريم عظيم وأم حنونة متفانية وخضع خلال طفولته إلى «موجهات» نصح و»اتجاهات» توجيه من والده المثقف الوجيه صاحب الصيت اللامع والصدى الساطع عائلياً ومعرفياً وارتهن إلى دعوات خير وابتهالات سداد في خلوات أمه المباركة فظل محفوفا بقافلة من المكارم والفضائل اعتمرت وجدانه واستعمرت داخله فنشأ مجللاً بالحسنى ومكللاً بالمحاسن التي فرشت طريقة بوعود «الخيرات» وورود «المسرات».
ركض الدخيل صغيراً مع أقرانه بين أحياء الحجون وشعب عامر وجبل الحفائر مخطوفاً إلى «رياحين» الطهر المكي و»مضامين» الأنس المكاني وتعتقت أنفاسه بأنفاس «السكينة» وتشربت روحه نفائس «الروحانية» فامتلأت أعماقه بعبير «الطمانينة» عبر الألحان السماوية في جنبات «البيت العتيق» وطربت آذانه لأثير «التروحن» مع المشاهد الإيمانية في أحضان «الحرم المكي» ومضى يشبع قلبه ببشائر «الابتهال» أمام الحطيم وتباشير «الامتثال» حول مقام سيدنا إبراهيم ليظل ثاوياً في واحات الرضا مقيماً في ساحات «التقى».
درس خلال طفولته الأولى في الكتاتيب ثم التحق بالمدرسة الفيصلية الابتدائية بالشبيكة ثم درس بالثانوية العزيزية «مدرسة تحضير البعثات» وتخرج منها من القسم الأدبي بمكة المكرمة حاصداً ثمار التفوق ومستلهماً استثمار الذات.
ثم طار إلى أمريكا حيث نال بكالوريوس علم نفس من جامعة ولاية كاليفورنيا سان دييجو ولأنه مسكون بالعلا والتفوق أكمل دراسته وحصل على الماجستير والدكتوراه في علم نفس من جامعة أريزونا. عاد إلى أرض الوطن والتحق للعمل بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن حيث عمل معيداً ثم أستاذاً مساعداً وأستاذاً مشاركاً وحصل على درجة الأستاذية وقد تقلد عديداً من المناصب بالجامعة، حيث تم تعيينه عميداً لشؤون الأساتذة والموظفين من (1975م - 1981م)، ووكيل الجامعة للشؤون الأكاديمية (1988م - 1995م).
ثم صدر الأمر بتعيينه مديراً لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن عام 1995 وظل في منصبه حتى عام 2004.
يمتلك الدخيل سيرة عريضة في عدة قطاعات حيث كان رئيسا لمجلس أمناء جامعة الخليج وعضو مجلس إدارة شركة أرامكو وعضو اللجنة الاستشارية للأمير سلطان رحمه الله. كما اختير عضوا في مجلس الشورى خلال الفترة من عام 2006 حتى 2009م.
وقد انفرد بعدة مبادرات وخطط حيث تولى رئاسة لجنة إدخال اللغة الإنجليزية في مناهج المرحلة الابتدائية وأدخل اختبار القدرات العامة في جامعة الملك فهد ليصبح بعد ذلك اختبار القبول الموحد للمرحلة الجامعية بجانب الاختبار التحصيلي للطلاب منذ عام 2006 كما أسهم في إنشاء وادي الظهران للتقنية عام 2002 وثلاث كليات مجتمع في حائل وحفر الباطن والدمام.
وله عديد من المنجزات العلمية والوطنية تمثلت في إنشاء الكراسي العلمية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وقد برع في التأليف حيث أصدر كتاب سلوك السلوك (1990م)، الذي اشتمل عدة رؤى ومحتوى عن أسس ونماذج وتطبيقات التحليل السلوكي إضافة إلى تأليف كتاب سوانح الأربعاء (2010م) الذي تضمن مقالاته المنشورة في الصحف وكتاب التعليم العالي، ما له وما عليه (2010م)، والذي رصد فيه أفضل الأساليب في تنظيم التعليم العالي، وكتاب العلاج السلوكي للطفل: أساليبه ونماذج من حالاته.
والعلاج السلوكي للطفل والمراهق (1999م) بالمشاركة مع آخرين وكتاب المرشد العملي لحل المشكلات السلوكية في مرحلة ما قبل المدرسة (مترجم - 1993م) وهو كتاب شارك بترجمته عدد من المؤلفين.
انتقل الدخيل إلى رحمة الله بتاريخ 24 أغسطس 2023 بعد معاناة مع المرض ونعته قطاعات الدولة ومؤسسات المجتمع ورفقاء الدرب وزملاء المهنة ووجهاء الوطن وقد رصدت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي النبأ واصفة الراحل بالقدير والمبدع والمؤثر الذي قضى حياته في خدمة دينه وقيادته ووطنه.
من عمق «المعاني» إلى أفق «التفاني» كتب الدخيل «فصول» سيرته ورسخ «أصول» مسيرته كاسباً «الشكر المستحق» وسابكاً «الذكر الواجب» في «إشعاع» المعارف و»أصداء» المشارف.
عبد العزيز الدخيل الخبير النبيل والقيادي الأصيل صاحب البصمات «المضيئة» بالإمضاءات والمنجزات «الساطعة» بالإضاءات في شؤون «القيادة» ومتون «الريادة».