د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
ضمن فعاليات أسبوع المناخ في نسخته الثانية الذي استضافته السعودية لأول مرة في الرياض في 2023/8/10 من أجل فهم وجهات النظر حول التحديات الناجمة عن التغير المناخي وأفضل الممارسات لمواجهتها خصوصاً وأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا له تحديات مشتركة بيئية ومن ضمنها أمن الطاقة على رأسها التصحر، وتدهور الأراضي، وشح المياه، وغيرها من التحديات على المستويات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
تستغل السعودية هذه الفرصة خصوصاً وأن لها تجربة فريدة من نوعها في مجال إنتاج الطاقة التقليدية حيث تعمل على تطبيق إجراءات تهدف إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عنها باعتبار أن اقتصادها يعتمد بشكل كبير على الطاقة التقليدية وتود نقل هذا التجارب إلى دول المنطقة.
يعتبر أسبوع المناخ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو واحد من أربعة أسابيع مناخية إقليمية عالمية يأتي انعقاده قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين كوب 28 حيث يتناول أسبوع المناخ أربعة مسارات رئيسية تركز على أنظمة الطاقة والصناعة، والمدن والتوطين الحضري والريفي، والبنية التحتية والنقل، والمحيطات والغذاء والمياه بالإضافة إلى المجتمعات والصحة وأساليب الحياة والاقتصادات.
تناولت جلسات أسبوع المناخ تجربة السعودية في الاقتصاد الدائري للكربون نحو الحياد الصفري من الانبعاثات في جهود تعاملها مع تحديات المناخ الذي يعد نهجاً شاملاً متكاملاً يعتمد على أدوات متعددة لإدارة الانبعاثات وهو بمثابة تطبيق مزيج من العوامل والوظائف التي تعمل في مجال الطاقة المتجددة التي تسرع وتيرة التخفيف من الانبعاثات ورفع مستوى الاقتصاد المستقبلي من أجل التحول للهيدروجين النظيف، حيث لدى السعودية مركزٌ لمراقبة التغيرات المناخية من أجل احتجاز أكثر من 24 مليون طن من الكربون، وهي بذلك تمضي لقيادة الطاقة المتجددة والهيدروجن النظيف إلى 2030، حيث لدى السعودية خططٌ لتخفيف التكلفة ورفع مستوى الكفاءة باستخدام التكنولوجيا الحديثة بسبب أن هناك فجوة ما بين التكلفة المخصصة للمصانع والموجهة للتخفيف من الانبعاثات، وأن الوصول إلى الأهداف المنشودة يتطلب عملاً تكاملياً وشمولياً.
سبق أن عرضت السعودية في كوب 27 في مؤتمر شرم الشيخ 2022 آلية لتفعيل تعويض وموازنة غازات الاحتباس الحراري من خلال طرح وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مبادرة السعودية الخضراء يعكس جهود السعودية في مواجهة التغير المناخي حيث تعد حافزاً لتطوير أنشطة خفض الانبعاثات وإزالتها لتحقيق مستهدف السعودية الطموح للوصول إلى الحياد الصفري بحلول 2060 وبناء مستقبل مستدام ومنخفض الانبعاثات وهي تتيح للجهات داخل السعودية الاستفادة القصوى المترتبة على آلية السوق المحلية لإدارة الانبعاثات، وتماشياً مع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ.
كذلك أعلنت السعودية عن خريطة الطريق الخاصة بزراعة عشرة مليارات شجرة من أجل التصدي لكل التحديات البيئية المتعلقة بالمناخ وتحسين جودة حياة المواطنين من خلال الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي سيتم تحقيقها على المدى الطويل من خلال جهود التشجير لتنمية الغطاء النباتي في جميع مناطق الموائل الطبيعية، كما تشمل المدن والطرق السريعة، والمساحات الخضراء ستسهم في خفض درجات الحرارة بمقدار 2.2 درجة مئوية وتحسين جودة الهواء حيث تعد درجات الحرارة المرتفعة وتلوث الهواء من الأخطار البيئية الأكثر شيوعاً في المناطق الحضرية حول العالم التي ترتبط بانتشار مجموعة من الأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب والشرايين والجهاز التنفسي، كما تسهم جهود تنمية الغطاء النباتي بالمدن في خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون، إذ شهدت الفترة بين عامي 2017 و 2023 زراعة 41 مليون شجرة في مختلف أنحاء السعودية.
لتعزيز هذا التحول تتجه السعودية أيضاً على خطى التحول لمركز إقليمي وعالمي لمعالجة المعادن الخضراء من خلال الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للسعودية، والبنية التحتية والطلب المحلي المرتفع التي تعادل 2 إلى 10 أضعاف الطاقة الإنتاجية الحالية، لأن العالم لم يتحول فقط من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة المتجددة بل هو تحول يشمل المعادن المهمة بما في ذلك النحاس والمعادن الأرضية النادرة، والنيكل، والليثيوم، والجرافيت، والسيليكون، التي تعد العمود الفقري لتقنيات الطاقة النظيفة، من توربينات الرياح إلى السيارات الكهربائية، فهناك حاجة إلى أكثر من ثلاثة مليارات طن من المعادن والفلزات بحلول 2050 وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.