د.عبدالعزيز بن سعود العمر
عندما قدمت نتائج بحث نفذته مع فريق بحثي لصالح إحدى المؤسسات التعليمية، علَّق أحد منسوبي تلك المؤسسة قائلاً: يا دكتور نحن نعرف كل ما قلت قبل أن تنفذوا بحثكم، فأجبته بالقول: إن ما كنت تسمعه يا سيدي كان سوالف مجالس فقط، أما الآن فهو حديث علمي.
إن المطلع على ما تقوله البحوث الكثيرة عن واقعنا التعليمي لا بد وأن تظهر له من المؤشرات ما يدل أن تعليمنا لا يزال دون طموحاتنا. سوف أعرض بإيجاز أبرز ما كشفت عنه بعض تلك البحوث من جوانب قصور في تعليمنا، ونظراً لضيق المساحة فلن أتمكن من توثيق مصادري البحثية، ففي مجال التدريس تؤكد البحوث وبشكل يكاد يكون قطعياً أن معلمينا ما زالوا يقدمون لطلابنا تدريساً متهالك المستوى يعتمد على الحشو اللفظي، وعلى حفظ واسترجاع المعلومات، مع قليل من الاهتمام بتطوير مهارتي التفكير والإبداع عند طلابنا.
أما الكتب المدرسية فتشير البحوث إلى أنها موحشة لطلابنا، نظراً لصعوبة قراءة وفهم مضمونها، فطالبنا يجد صعوبة في استخلاص معنى لنفسه من مضامين هذه الكتب.
إن صعوبة فهم طلابنا للكتب المدرسية يعود إلى ضعف مستواهم في مهارة القراءة، وهذا أمر مؤكد بحثياً. ونظراً لأن مهارة القراءة تسهم في توليد مهارات ومعارف أعلى، فإن هذا الضعف القرائي لدى طلابنا يغلق الطريق أمامهم لكسب مهارات أخرى متقدمة.
كما تكاد تجمع المؤشرات البحثية على أن مخرجات تعليمنا لا يمتلكون الحد الكافي من المهارات الحياتية التي تجعلهم مستقبلاً أفرادًا منتجين ومبدعين في أي بيئة عمل، وأخيراً، تشير البحوث إلى أن المختبرات المدرسية في بعض مدارسنا تنقصها التجهيزات، وأحياناً تكون غير مفعلة، مما يحرم طلابنا من فرص تعلم حقيقية في مجال العلوم عصب التقنية والتطور اليوم. هنا سأطرح السؤال التالي: هل تكفي انطباعات وخبرات مسيري وبيروقراطي التعلم لكشف ومعالجة ثغرات التعليم، أم نضيف إليها شيئًا مما تقوله نتائج البحوث العلمية الصارمة عن التعليم.