سهم بن ضاوي الدعجاني
«دار الثلوثية» للنشر، أكبر دار متخصصة في التأريخ السعودي والمحلي والتراجم والرحلات والأنساب، صاحبها الصديق المحامي الدكتور محمد بن عبدالله المشوح، صاحب منتدى «الثلوثية» المعروف بحي الغدير بمدينة الرياض، له علاقة مميزة ومتميزة بالمؤرخين والمحققين والكتّاب من خلال حضوره الدائم في كل نسخة من معرض الرياض الدولي للكتاب.
ارتبط في ذاكرتي وذاكرة الجيل المعاصر له، مقعده المميز ومكان جلوسه السنوي في ركن «دار الثلوثية» في المعرض حيث يجد من يزوره أويلتقيه الطقس السعودي بما تعنيه الكلمة، «الاستقبال» و»الابتسامة» و»التحايا» والضيافة والترحيب بمعشر المؤلفين والكتاب والمثقفين وزوار المعرض من مختلف الجنسيات، في كل عام وفي كل معرض، لا تكتمل متعة «زوار المعرض» إلّا بالمرور، على «مركاز المشوح»، فقد أصبح علامة فارقة في ذاكرة زوار المعرض، خلال السنوات الماضية فقد تحول ركنه إلى «رابطة» للناشرين وملتقى لعشاق الثقافة فمع أول يوم للافتتاح، تتجه أنظار المثقفين إلى المشوح حيث يجلس هناك في «دار الثلوثية»، لكنه ليس بصفته ناشراً أو محباً فقط، بل بصفته «مضيافاً» يرحب ويكرم كل من يزوره ويسأل عنه من العارضين والناشرين والمؤلفين والكتاب والزوار، فهو مثقف نبيل بما تعنيه الكلمة، تستقبلك ابتسامته الحاضرة وثقافته الأصيلة ومعرفته العميقة بمشهد النشر العربي، واهتمامه الكبير بالكتب ومختلف الإصدارات الثقافية فقد تحول ركن «الثلوثية» على مدار السنوات الماضية في المعرض إلى ملتقى يومي يبدأ من الساعات الأولى لافتتاح المعرض إلى نهايته، فتجد د.المشوح المثقف والناشر والصديق يرحب بهذا ويودع هذا، ويجمع هذا وذاك بكل إنسانية وكرم ونبل، إنه مرجع للمثقفين والمؤرخين والناشرين العرب، بل هو - في نظري - «سفير فوق العادة» للثقافة السعودية، فمن المثقفين الذين مرّوا ركن الثلوثية في المعرض هذا العام كل من : أ.حمد القاضي ،أ. محمد رضا نصر الله ،د. إبراهيم التركي و غيرهم كثير، هذا غير المؤلفين والشعراء والناشرين الشباب الذين يزورونه في ركن الثلوثية، بالمعرض صباحاً ومساءً ويهدون إليه مؤلفاتهم ودواوينهم الجديدة، فيستقبلهم كما يستقبل كبار المثقفين والشعراء بالقهوة السعودية وتفاصيل الضيافة النجدية التي تسبقها ابتسامته وترحيبه وحديثه الطيب عن الكتب وعن المؤلفين فلا تسمع منه إلّا عبارات : «تفضّل» ، «ياهلا»، «مرّنا في الثلوثية»، «فنجان قهوة» إلخ ، سبحان من وهبه هذا العشق للكتاب والنبل الأصيل في ذاته وأسرته.
د. المشوح، إضافة إلى حضوره اليومي الفعّال في ركن «دار الثلوثية» في الجناح المخصص للدار في معرض الكتاب، لديه تقليد سنوي رائع فهو ينظم لقاءً سنوياً كبيراً في «ثلوثيته الشهيرة»والتي بدأت منذ ربع قرن بمنزله العامر بحي الغدير، حيث يحتفي بالناشرين العرب وضيوف المعرض في جلسة ثقافية مسائية، لتبادل الرأي حول هموم النشر في الداخل والخارج، إنه مرجع معلوماتي كبير لمعشر الناشرين على المستوى المحلي والإقليمي، بل هو «الشريك الأدبي « في مجال النشر ويستحق أن يطلق عنه : شيخ الناشرين السعوديين بل العرب، تقديراً لمشواره الطويل في خدمة الثقافة المحلية من خلال صالونه الشهير الذي يتميز باستضافات نوعية قدمت الكثير للحراك الثقافي السعودي وتقديراً لجهوده الشخصية لخدمة الناشرين المحليين والعرب من خلال « دار الثلوثية « وحضوره المميز في معرض الدولي للكتاب.
و أخيراً
كانت المكتبات الخاصَّة من الهموم المؤرِّقة للدكتور المشوح، ولغيره من الشَّخصيِّات السعودية الذين لديهم مكتبات خاصة وهو واحد منهم، فبدأ يفكر كيف تتم المحافظة على تلك المكتبات الخاصَّة، مما دعاه و من معه إلى تأسيس جمعيَّة أهلية تُعنى بهذا الجانب، ولاقت هذه الجمعيّة قبولا و ترحيبا كبيرا من قبل المهتمِّين بالكتب والمكتبات الخاصة في الداخل و الخارج.
للمحافظة على هذا الإرث العلمي لأصحاب تلك المكتبات من الأسر السعودية، وأن يعتنوا به، سواء كان بقاؤه في بيوتهم أو تقديمه للعديد من الجهات التي يمكن أن تسهم في الحفاظ عليها والجمعية مقرها مدينة الرياض، لكنها تسعى إلى العناية بالمكتبات الخاصة في جميع مناطق المملكَة إن المشوح يستحق منا الشكر والإشادة والتكريم على كافة المستويات نظير هذا الحضور الإبداعي المستمر على خارطة النشر العربي في عاصمة الثقافة العربية الرياض.