ميسون أبو بكر
التقطت صورة لأحد الأطفال الجالس قبالتي في مطعم في العاصمة الأمريكية واشنطن، وقد غادر مقعده ليقف أمام شاشة التلفاز المعلق على الجدار ليتابع الخبر المصاحب لصورة طفل يبكيه أبواه في إسرائيل على قناة CNN التي قدمت الخبر بطريقة إعلامية محترفة لتوصل رسالتها بطريقتها وحسب النهج السياسي التي تتبعه والذي يؤكد عدم حيادية الإعلام، بل تؤكد أنه يحمل أجندات ورسائل موجهة لجمهوره ومشاهديه تضعه في مصافي آلة إعلامية شرسة تغزو العقول ولا تقل إرهاباً عن أفواه المدافع والدبابات.
الطفل الذي ترك طعامه وأقرانه على الطاولة وانشغل بطريقة عرض الخبر على الشاشة جعلني أعود لعدد من مقالات كتبتها وأوراق عمل قدمتها عن أهمية وجود قنوات تخاطب الآخر بلغته بصورة إعلامية محترفة تختلف عن الإعلام التقليدي الذي هجره جمهوره إلى وسائل التواصل التي رغم زيف كثير منها إلا أنها جاذبة ومشوقة وآنية.
في حادثة غزة الأخيرة _#طوفان_الأقصى ومن خلال متابعتي لعرض الحدث على قنوات أوروبية وأمريكية وعربية وجدت فرقاً كبيراً في التعاطي مع الحدث، فالقنوات الإسرائيلية الموجهة للغرب تنقل المشاهد المؤثرة وحالة الرعب في إسرائيل والمقاطع التي دلت على وحشية ما قامت به حماس من الإساءة للنساء الأسرى والأطفال، بينما الحسابات الإسرائيلية في مواقع التواصل والرسمية الموجهة للعرب تتوعد الفلسطينيين وتهدد بالإزالة الشاملة لإحياء غزة ومدارسها ومستشفياتها، وفيها لهجة الاستعلاء والوحشية والترهيب.
والمقارنة بين الإعلام هذا وذلك يوضح الرسالة التي تريد إيصالها للغرب باللغة التي يفهمها والطريقة التي تحرك عواطفه ومشاعره ومنظمات حقوق الإنسان.
تماماً مثل قناة الجزيرة التي تختلف بتوجهاتها ومواضيعها بين القنوات باللغة العربية الموجهة للعرب والتي فيها الكثير من الكذب والتدليس والمواضيع البعيدة عن الحقيقة والموضوعية وتلك باللغة الإنجليزية التي تختلف في نهجها تماماً عن شقيقتها العربية.
من هنا أعود لطرح فكرة قناة سعودية بلغات مختلفة وبصناعة إعلامية متكاملة هي مرآة للنهضة الشاملة التي تعيشها المملكة ولأخبارها الاقتصادية والرياضية والثقافية ورسائلها السياسية وأنا متأكدة انها ستجد موطئ قدم إعلامي عالمي نظراً لأن المملكة اليوم بوصلة العالم ولا أبالغ في هذا، ولدى الآخر الشغف والكثير من التساؤلات والتطلع لما يمكنه سبر أغواره، وهذا هو الوقت الملائم لقنوات سعودية تغزو الفضاء بلغات مختلفة.
عدد من سفراء الدول لدى المملكة يمتعنا تواصلهم وحديثهم عن إقامتهم في المملكة ونشاطاتهم وقد تكون تلك القنوات التي أشرت إليها أيضاً متنفساً للأجانب الموجودين داخل المملكة ومنصة لنشاط السفراء.
كثير من أبناء المملكة يتقنون لغات مختلفة وحضورهم على القنوات السعودية الأجنبية سيكون له أصداؤه وردة فعله الجميلة ذات الأثر.
الأخبار التي تنقل بصورة مدروسة سيكون لها وقعها وتأثيرها وقد قرعت الأحداث الأخيرة الجرس لولادة قنوات سعودية بلغات أجنبية تواكب رؤية البلاد ومشروعها الإنساني والحضاري الكبير.