خالد بن حمد المالك
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي عن قطع الماء والكهرباء والغذاء عن قطاع غزة في سابقة خطيرة باتجاه قتل سكان القطاع، بما اعتبر جريمة حرب، فيما تستمر الطائرات الإسرائيلية ودون توقف أو هوادة في إطلاق صواريخها على الأبراج ودك المباني السكنية على من فيها من المدنيين.
* *
هذا العمل جرَّمته الدول والمؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، بينما رأت فيه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في بيان مشترك ما معناه أن ما تقوم به إسرائيل من عدوان على غزة يعد عملاً مشروعاً ضد ما أسمته بإرهاب الفصائل الفلسطينية، وأن لإسرائيل الحق بأن تفعل ما تشاء للدفاع عن نفسها، دون أن تنصف الجانب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وترى أن من حقه هو الآخر أن يدافع عن حقوقه المشروعة.
* *
التعرض للمدنيين الفلسطينيين، وبهذه القسوة, وبالقتل الجماعي غير مقبول، وينم عن حقد دفين لدى دولة الاحتلال التي تصر على الفصل العنصري بين اليهود والعرب في التعامل، وتصر أيضاً على رفض كل المبادرات التي من شأنها إحقاق الحقوق الفلسطينية، وبينها إقامة دولتهم على أراضيهم المحتلة عام 1967م.
* *
لقد واصل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان اتصالاته مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية لتخفيف حدة التوتر بين الجانبين، ومنع الاستمرار في التصعيد، وتجنب إيذاء المدنيين، والتوجه نحو حل عادل للقضية الفلسطينية، مركزاً سموه على حالة التصعيد العسكري في غزة ومحيطها تحديداً، وتفاقم الأوضاع إثر ذلك بما يهدِّد حياة المدنيين، وأمن واستقرار المنطقة.
* *
إن ما حدث ويحدث الآن يؤكد أن لا سلام ولا استقرار ولا توقف للعنف المتبادل ما لم يحقق للفلسطينيين دولة مستقلة قابلة للحياة، وأن أي خيار غير ذلك لن يفضي إلى حلول واقعية مهما كان حجم الدعم الأمريكي والأوروبي العسكري والسياسي، لأن ما بُني على باطل فهو باطل، والاحتلال بالتقادم لا يلغي هذا الحق، ما بقي هناك شعب يطالب بحقوقه، ويعمل على استردادها.
* *
هذا هو اليوم الخامس من العنف الدامي بين الطرفين، ولن يتغير شيء، ولن يكون هناك نصر لأي طرف سواء في هذه الجولة، أو الجولات القادمة، ولعل هذه الجولة وحدها تعطي إسرائيل الدرس بأن القوة العسكرية والدعم الدولي لها لن يعطيها الشرعية للاستمرار في الاحتلال، وحان الوقت للتفكير ملياً بما يجب أن يكون.
* *
لقد أصيبت إسرائيل بالذعر، وانكسرت هيبتها، وخسرت ما لم تخسره في حروب نظامية سابقة من القتلى والجرحى والمصابين والأسرى، وأن ما كانت توهم به نفسها بأن لديها جيشاً لا يقهر، أمكن قهره وإذلاله من مجموعة صغيرة تنتمي لفصائل غزة، بخطة محكمة في التسلّل إلى الأراضي المحتلة، مع تطور بالتكتيك العسكري، فيما لا يزال الجانب الإسرائيلي مصاب بالصدمة وغير مصدق لما حدث.
* *
المهم أن يتوقف القتال فوراً، وأن تعود العناصر المتقاتلة في الجانبين إلى ثكناتها ومعسكراتها، وأن يتوقف أزيز الطائرات وحممها من القنابل والصواريخ، وأن يبدأ الجانبان برعاية مجلس الأمن في تفكيك أسباب هذا الصراع، والوصول إلى حلول عاجلة له، بدلاً من دعم إسرائيل في احتلالها للأراضي الفلسطينية، بما شجعها على رفض أي تفكير بإقامة دولة للفلسطينيين على أراضيهم المحتلة، دون أن تفكر بأن ما يجري الآن سوف يتكرر مرة بعد أخرى، وبعنف أشد، وتضحيات أكبر، وقتلى في الجانبين، دون أن تنعم إسرائيل بالسلام.