منصور بن صالح العُمري
حين تنبض الرغبة في قلب القائد تولد الفكرة في عقله وتنجب الشغف في مشاعره والإرادة في أفعاله فتهون لديه الصعاب، ويتوارى المستحيل خلف جبال الحزم وتمطر سحائب التصميم توفيقاً يبدل ملامح الجدب لتُسرّ أعين المحبين ويفرك الانبهار أعين المثبطين ويطمس الرمد أعين الحاقدين.
فتأتي أوامر التنفيذ تِباعاً كألعاب نارية تضيء السماء وتسرق الألباب وتثير الإعجاب وتحيل ظلمة السماء لتكون شاشة سحرية الإبداع ترتفع لمتابعتها الأعناق وترنو لها الأبصار وتعجز عبارات الإشادة عن إيفاء المشهد وصفاً يليق بقوته وحسن جماله.
خطوات تطويرية متلاحقة لا تكاد تنبهر من ثلة منها حتى تجذبك إليها مجموعة أخرى أجمل إبهاراً وأشد إصراراً. والغريب الذي يزيدها جمالاً أنها تحل فجأة كمطر لم يسبقه توقع أو حبيب جاء على غير ميعاد. هذا الوصف الوجيز يعبِّر عما تعيشه بلادنا الحبيبة من خطوات تطويرية تسابق زمانها فغدت كعروس يتم تجهيزها بأجمل الحلل وأثمن الحُلي على ما فيها من أصالة حُسن حباها به الباري، فغدت الرؤية لها تسر الناظرين وأضحت حديث المتابعين.
ومما يزيد جمال المشهد حُسنًا على حسنه أن معظم من يقوم بأدواره شباب هذا الوطن بجنسيه، فكانوا عند حسن ظن من وثق بهم وأسند إليهم الصعاب لكنه أشعلهم شغفاً وأضرم الحماس في قلوبهم وأوقد الإصرار في عقولهم وأضاء مصابيح الثقة في قدراتهم، فاستغنى الوطن بأبنائه في معظم المجالات وأدقها تفاصيل حين أظلهم توفيق من الله أولاً، ثم حسن اختيار وكمال تمكين وشمولية متابعة من القائد الملهم الذي يتقدم المسيرة ويحوطها بتصميمه ورعايته فلا تدري أين تراه بينهم حتى لتكاد تظن أن نسخاً منه تقود معه المسيرة حين تشهد وجوده في كل إنجاز ينهى وكل مسيرة تبتدئ يتابع الليل النهار والإبداعَ إبداعُ أعظم منه.
لا يغفل عن مجال حين يشغله مجال آخر يحوط بدقة متابعته وحسن توجيهه وسخاء دعمه كل خطوة يأمر بها لا يقبل أنصاف الحلول ولا معظمها، بل يريدها بكمالها وفائق إنجازها، ولا يستسيغ النسخَ من تجارب الآخرين والسير خلف خطاهم، بل يريد ابتكاراً يستحق أن ينسب لهذا الوطن وتجديداً يسلب الألباب. فرض احترام وطنه واستقلالية قراراته وصلابة إرادته حتى في أصعب المواقف التي لم يكن يُظن أنه يستطيع تجاوز غمارها، وبسط يد التعاون لكل جاد يرغب في خدمة وطنه مشاركةً معنا، وأوقف عند حده كل معاند ومكابر كان يستهين بقدرته ليرضخ لمطالبه وشروطه، فغدا حديث الساسة وشعوبهم ومضرِب المثل في القضاء على الفساد وجدية المساعي التنموية. وضع لوطنه أهدافاً لا يساوم عليها ولا يتخلى عنها ولا يستصعب نوالها، فتوالت دانية بين يديه وهو في بداية رؤيته وفي ثاقب نظرته الكثير الكثير مما تعجز أعين الآخرين عن إبصاره حتى يكون واقعاً يشد ذهولهم وينثر إعجابهم. حفظ الله سمو ولي العهد وكتب التوفيق في كل فكرة ينشدها وخطوة يرسمها وإبداع يسطره وزاده تمكيناً وسدادًا ًورشادًا.