سالم بركات العرياني
أرض السواد أو بلاد الرافدين، لك أن تسميها كما تشاء من الشمال وإلى الجنوب من الشرق وإلى الغرب دارت فيها محن كثيرة وفتن كثيرة وتغنى بها الكثير من الشعراء كما رثاها الكثير من الشعراء بلاد لو استقرت لكان الاستقرار في كل أرجاء المنطقة يقول قائل إن بلاد الرافدين قد استطالت جراحه حتى صارت كالنخل العراقي طويلة ونزفت جراحه حتى يظهر للعيان لو أنها بشط العرب يقول شاعرهم (ما مر عام والعراق ليس فيه جوع) ويقول آخر (ويحي على العراق، تحت سماء صيفه الحمراء.
حتى إذا أتت الخمسينات ثار الجيش على الأسرة الهاشمية التي كان لها العديد من مشاريع هذا البلد محطماً أركان العراق فمن حاكم لحاكم تتعمق الجراح في ظل نخب فاسدة وفساد الدولة ثم تسلط الغزاة ينزف الجرح العراقي شعراً في رحيل شاعر العراق الكبير كريم العراقي الذي ضاقت به وكأنها تابوت تماماً كما ضاقت بالعديد من شعراء العراق فما بالك برجل يعشق الحرية ويحب الكلمة تطوع للعمل في الجيش العراقي وهناك كتب أجمل قصائده التي ظهرت فيما بعد، علماً بأنه كتب العديد من القصائد الجميلة التي تغنّى بها العديد من الفنانين في وطننا العربي. غير أنه المرض الذي أصاب العراق أصاب كريم العراقي وعانى منه لسنوات عديدة قبل أن يترجل ويترك الساحة والمسرح خالياً فمن سيشغل هذا الفراغ بعده ثم يسأل:
لماذا يرثون العراق؟!
ظل نظام العسكر يتمدد كالسرطان في جسد العراق الحر الأبي إلى أن بطش به الغزاة والمحتلون الأمريكان فثارت مجاميع الناس تبحث عن الطعام والشراب والدواء فكيف يموت شعب بنى بكلتا يديه حضارات عظيمة نشأت بأرض السواد كحضارة كلدان وآشور وبابل ثم أين الملك حمورابي.
كتب الشاعر العراقي الكبير كريم العراقي القصيدة الشعبية والأغنية فتعاون مع العديد من الفنانين وكتب المسرحية ثم كتب قصائد للصغار والأطفال وكتب العديد من القصائد يحمس بها الجنود العراقيون في الحرب العراقية الإيرانية ثم ترك العراق كالعديد من الشعراء والأدباء واتجه لتونس ومن هناك ظل كريماً ضماداً للجرح العراقي إلى أن ترجّل الفارس الهمام تاركاً وراءه العديد من العشاق والمحبين.