أحمد المغلوث
من المظاهر المعاشة في وطننا الحبيب أننا ننعم -ولله الحمد- بالأمن والاستقرار و»العافية». وهذه العافية ما هي إلا وليدة ذلك، فهي نتيجة طبيعية وحتمية لما يسود مجتمعنا على اختلاف مكوناته المجتمعية، وكم مرة نسمع داخل بيوتنا أو قصورنا هذه العبارة -الحمد لله- يكفي أننا بخير وعافية مهما اختلف دخل الأسرة، وهذا أمر طبيعي أن يردد الواحد منا ذلك، فما اقترنت العافية بشيء كما اقترنت بالأمن والاستقرار، فمن خلال «العافية» يشعر الواحد منا بمشاعر تكاد تنضح بما فيه كما ينضح العبير من الورد والزهور، وبالتالي فهو يشعر بسعادة وسرور. لذلك هناك من تجده يعيش لحظات العافية في بيته وعمله وفي كل مكان، وتكاد العافية -وبفضل الله- وبما أنعم على وطننا ومواطنينا ومن يقيم بيننا من مغتربين عن أوطانهم باتوا يدعون الله ليل نهار أن يستمروا في وجودهم في هذا الوطن أرض الإسلام والسلام، وما زلت أذكر قبل سنوات عندما اتصل بي مودعًا أحد الأطباء الذي كنت أعرفه من خلال عملي في القطاع الصحي بالأحساء وانتهاء عقده، وقبل أن يغادر إلى وطنه قال والعبرة تخنقه «إنني أودع جزءًا مني سوف أتركه هنا. سنوات عشتها بينكم أنا وأسرتي وأبنائي الذين درسوا وتخرجوا من مدارسها وجامعاتها، لقد كوَّنا علقات أخوية مع زملاء عمل، ولقد تعلمت أسرتي الكثير من عاداتكم المحببة حتى أم أولادي باتت تحرص على إعداد طبق (الكبسة) اللذيذ بين فترة وأخرى»، ثم أضاف «أنتم شعب محظوظ والله بارك في وطنكم ويكفي أنه عز وجل اختار بيته العتيق ليكون فيه». مثل هذا الطبيب عشرات آلاف إذا لم يكونوا ملايين، ولقد اعتاد كثيرون من موظفي أرامكو القدامى وبعد عودتهم لأوطانهم أو من دول أخرى تجدهم إذا أُتيحت لهم الفرصة أو من خلال «قروباتهم» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تجدهم يعبِّرون عن مشاعرهم وذكرياتهم وحتى تقديرهم لمن عملوا معهم من المواطنين. ومن مبادرات شركة أرامكوا السعودية اهتمامها بدعوة مجموعات بين سنوات وأخرى من متقاعدي الشركة والذين ما زالوا على قيد الحياة في مبادرات تسجل للشركة والمسئولين فيها، وكم كانت سعادة الذين يعودون إلى المملكة بعد غياب عقود عدة ليشاهدوا كيف تغير الوطن وبات وطنًا شامخًا يُشار له ولقيادته بالبنان في كل مكان، وطن من سماته -وهذا ما يقوله كل من عاش فيه- الشعور بالعافية والراحة النفسية، فكل شيء بات في متناول المواطن والمقيم على حد سواء، وبالتالي كل وحد منهما يتحمل المسؤولية، وبالتالي يشارك في إثراء الوطن باهتمامه بأن يكون مواطنًا صالحًا يسعى جاهدًا على المحافظة الدائمة على أمنه واستقراره محققًا كل تطلعات القيادة الحكيمة والمواطنين بصورة متكاملة. فلا وطن دون امتزاج القيادة ومواطنيها، فالهدف واحد وهو أن يسود في هذا البلد المعطاء كل خير وسلام وسؤدد.
والأمن الدائم.. واحترام الآخر الذي يعزز الوحدة الوطنية في ظلال الأنظمة والقوانين التي تسعى دائمًا إلى نشر المحبة والسلام وهما الأساس في سعادة كل وطن ومن يقيم فيه، وبالتالي الجميع يتطلعون إلى زيادة التنمية في كل منطقة ومحافظة لإيجاد فرص عمل لشباب الوطن وفتياته، فوجود عمل لهم في مناطقهم أفضل من انتقالهم للعمل في مناطق أخرى بعيدًا عن أسرهم تأكل «رويتباتهم» ما بين إبجار السكن ومصاريف الوقود، غير ما تتطلبه الحياة اليومية من مصاريف مع ارتفاع الأسعار، هؤلاء بحاجة للعمل ولحياة أفضل لهم ولأسرهم مما يبعدهم عن جادة الصواب.. وكما يقال في الأمثال الشعبية العربية: (اليد البطالة نجسة)، ولن أزيد.