أ.د.عثمان بن صالح العامر
الخميس الماضي الخامس من شهر أكتوبر هو (يوم المعلم العالمي) وبصراحة كان التفاعل مع هذه المناسبة في الإطار الوطني خاصة المحلي منه الذي كنت على اطلاع عليه ولو نسبياً، كان رائعا وينم عن عمق المشاعر التي يحملها كل منا لمعلميه منذ نعومة أظفاره وحتى لحظة توديعه مقاعد الدراسة الأكاديمية وانتقاله لميدان العمل، ولا يعرف عمق الأثر الإيجابي التي تتركه تلك الكلمات الرائعة المطرزة بالحب والتبجيل المرصعة بجميل المشاعر وصدق الأحاسيس التي أرسلها من كان طالباً يوما ما لمعلمه أو أستاذه في أي مرحلة تعليمية كان إلا من انتظم في سلك التعليم وكان له شرف أداء الرسالة فيما يمليه عليه ضميره ويفرضه الواجب الديني والوطني والوظيفي.
- لقد أعجبني زملاء أعزاء يحملون درجة الأستاذية - أي أنهم وصلوا إلى أعلى درجة علمية - احتفى كل منهم بهذا اليوم عبر حالته في تطبيق (الواتس آب) بذكر من يرى أنه يستحق الاحتفاء به والذكر الحسن له والثناء العطر عليه من أول مراحله التعليمية الابتدائية وحتى نيله درجة الدكتوراه.
- وأعجب منه من كان على تواصل مستمر وبر دائم مع أساتذته، وكأنهم أولي رحم له، وكما قيل (العلم رحم بين أهله).
- والشيء الذي لا يعرف مدى أثره النفسي الإيجابي على المعلم حين يحتفي به أحد طلابه مقبلاً رأسه وهو يبجله ويجله بقوله (أنت درستني، أنا أحد طلابك في…، الله يذكرك بالخير ويجزاك عنا كل خير).
- يذكر أحد الأصدقاء الذي نال منصباً قيادياً مرموقاً في منطقته، كنت ذات يوم قريباً من الثانوية التي درست فيها قبل أكثر من ربع قرن، دخلت إلى الإدارة فسلمت على من كان فيها ثم مررت على غرفة المعلمين، وانتهى بي المقام لدى استاذ عزيز علي، كان شديداً علينا عندما كنا طلاباً على مقاعد الدراسة، ولم نعرف سر هذه الشدة وسببها وأثرها في بناء شخصيتنا الأكاديمية وقوتنا العلمية حتى صرنا في ميدان العمل، دخلت عليه وهو كما هو حاله قبل أكثر من ربع قرن قبل أن يبدأ الشرح، سلمت عليه، وقبلت رأسه، ثم التفت إلى الطلاب وبعد أن سلمت عليهم قلت ما فتح الله علي من ثناء وإشادة باستاذي القدير الذي لم يتمالك نفسه في هذه اللحظة إذ ذرفت عيناه وبدا يمسح دموعه ويحاول أن يخيفها عني، وما أن انهيت حديثي حتى قال لطلابه (هذا يكفني شرفاً وفخراً واعتزازاً في مسيرتي التعليمية، والآن وأنا على أبواب التقاعد أشعر أنني أديت رسالتي ونلت أعلى وسام وأعز شهادة).
- بصدق مع كل هذا فإن المعلم الركيزة الأساس في العملية التنموية والحياتية والأسرية ما زال يحتاج كثيراً من الإعزاز ليكون له في مجتمعنا الوطني منزلته الأسمى التي هي حق مشروع له لما له من أثر كبير في تعليمنا، ومن بعدنا فلذات أكبادنا الأولاد والأحفاد وتربيتهم وغرس القيم الإيجابية في نفوسهم، كما أن من الإنصاف القول بأن إكرام المعلمة والأستاذة الأكاديمية (الدكتورة) لدى الطالبات أفضل بكثير مما هو عند الطلاب، والتفاعل مع كل مناسبة ذات صلة بمنزلة المعلم والمعلمة في نفوس المتعلمين سواء هذا اليوم أو غيره أكبر شاهد وأعظم دليل، ومما يسجل لمدراسنا اليوم في المراحل التعليمية الأولى غرس تقدير من هم في الميدان التربوي في ذهنية الجيل، شكرا لكل من علمني حرفاً وكان عوناً لي بعد الله في مسيرتي التعليمية منذ أول ابتدائي وحتى حصولي على الاستاذية بل ما بعد ذلك وبين هذا وذاك، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.