د.عبدالعزيز بن سعود العمر
لقد أصبح من مكرور القول الإشارة إلى أن سنغافورة وكوريا الجنوبية لا يوجد بأي منهما قطرة نفط واحدة، ومع ذلك يتمتع هذان البلدان بطفرة حضارية وبتنمية بشرية وتقنية وصناعية مهولة. ولا أظن أننا نحتاج إلى ذكاء انشتاين لنعرف كيف حققا ذلك، كلمة السر في هذا الشأن هو «التعليم»، ولكن حذاري، ليس أي تعليم يستطيع أن يحقق لنا ما حققه التعليم لكوريا. بعض أنماط التعليم يلتهم ميزانية البلد دون أن يحقق لها عائدًا تنمويًا يوازي ما صرف عليه، ويوصف هذا النمط من التعليم بأنه كَلٌ على أهله، بل إن بعض أنماط التعليم تعيد إنتاج وترسيخ التخلف في مجتمعها.
لا جدال أن التعليم والتعليم فقط هو الذي سيحدد ويشكل ملامح مستقبلنا وليس النفط، فالنفط ثروة مادية ناضبة، وإن لم تنضب هذه الثروة فقد تصبح كاسدة يوماً ما. وبديهيًا القول إنّ الذي صنع الفرق بين دول العالم الأول ودول العالم الثالث هو التعليم ممثلاً في المدارس والجامعات وهيئات التدريب. في كل دول العالم توجد مؤسسات تعليم، لكن القليل من هذه المؤسسات التعليمية قادر على صنع ثروة بشرية حقيقية، أما لماذا تنجح بعض نظم التعليم في صناعة ثروة بشرية في حين تفشل نظم تعليمية أخرى، فالسبب يعود بالدرجة الأولى إلى الإرادة السياسية التي تمنح التعليم أولوية قصوى في أجندتها، والأهم أنها تؤمن بالدور العظيم للتعليم في صناعة التنمية، وقبل ذلك تؤمن أنّ مواطنها يستحق تعليماً عالي الجودة يحترم عقله وكرامته.