د.منال بنت عبدالعزيز العيسى
يدور بين بعض الباحثين والأدباء والنقاد إشكالية مهمة تتعلق بالوطنية السعودية وعلاقتها بالمنجز السعودي في الأدب والنقد، ومما سمعت - ولم اقرأ - أن هناك أكثر من فريق؛ يتحدث بعضهم في الخفاء والبعض الآخر يطرح التساؤلات ويعلن عجزه عن الإجابة عنها تاركًا إياها تسبح في فضاءات الاجتهادات غير الصحيحة (فيما أعتقد).
هناك من الكتاب من وُلد وعاش في المملكة العربية السعودية، وقد يكون كتب في إحدى أعماله السردية أو الشعرية عن الفضاء الاجتماعي الذي عاش فيه بمكوناته المتنوعة، فهل يجوز أن يُضم إلى الكتاب السعوديين؟ وهناك من درس الأدب السعودي في أبحاثه وأطروحاته من النقاد العرب، فهل يجوز أن يضم إلى النقاد السعوديين؟
أعتقد بأن الهوية الوطنية السعودية لا تتعارض مع عالمية الأثر الإنساني بكل أنواعه الأدبية والنقدية والفنية، بل هي امتداد بشري يختص بأمة لها حدودها الجغرافية وسيادتها السياسية وتكوينها الثقافي الخاص مثل كل مجتمع بشري آخر، وبالتالي فإن سعودة الأدب والنقد والفن هو إعطاء الهوية الوطنية لذلك المنتج السعودي وتصنيفه وفق سياقاته الخاصة به والتي قد تتفق أو تختلف مع المنجزات الأدبية والنقدية العربية والعالمية، هو أمر بالغ الأهمية ولا ينبغي فتح الأبواب للنقاش فيه أو الاختلاف والاتفاق معه، والبحث عن خصائص وسمات تلك المنجزات الثقافية السعودية ووضعها في إطارها الذي تستحقه ولاءً وحبًا للوطن. والسؤال المنطقي يطرح نفسه قائلاً: ماذا - وقد كان - كتب الأديب السعودي رواية تتحدث عن إحدى الولايات الأمريكية التي درس وعاش فيها، هل سيضم للكتاب الأمريكيين؟
وقد كتب القصيبي وغيره عن مرحلة الدراسة في القاهرة، فهل يضم للكتاب المصريين؟
نحن أمام هوية سعودية وطنية خالصة، وهي تعني: أن يكون الكاتب والفنان سعوديًا؛ وفيما عدا ذلك هم من الكتاب العرب أو الأفارقة أو غيرهم ممن عاش في المملكة العربية السعودية وكتب عنها، وبالتأكيد لهم كل الاحترام والتقدير لكن كل كاتب ينسب لبلده جغرافيًا وإن كان يتحدث عن بلد آخر عاش فيها.
** **
- أستاذ النقد والفلسفة بجامعة الملك سعود