م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. الشعوب قاطبة وكثير من قيادات الدول لديهم رغبة في التطور والتقدم والنمو المستدام في بيئة آمنة مستقرة ومحفزة، لكنها لم تحقق ذلك رغم وفرة مواردها البشرية والطبيعية من نفط وغاز ومعادن ثمينة، ومياه وأراضٍ زراعية شاسعة، وبيئات سياحية جذابة، وشواطئ ممتدة، وغيرها.. وذلك لغياب أو ضعف (الإرادة) وما يترتب عليه من ضعف في (الإدارة)، فتُهدر معظم مواردها وطاقاتها دون عوائد وفوائد تنموية لشعوبها التي تعاني سوء المعيشة ونقص الكرامة وتلاشي الآمال في التطور والتقدم والعيش الكريم، وانسداد الآفاق أمامهم مما أفقدهم روح الشغف والعطاء والإنتاج.
2. الرغبة أو الحُلم لا يمكن أن يتحقق دون (الإرادة)، وهي القدرة الكاملة غير المنقوصة على اتخاذ قراراتك من ذاتك دون ضغط أو دفع أو منع من الغير.. والقدرة على الالتزام بتنفيذها بعزم وإصرار دون تردد أو تهاون أو مهادنة مهما كانت الصعوبات والعوائق والتحديات، وفق أحدث أساليب الإدارة لوضع الأهداف المحققة للرؤى في خطة زمنية، ومن ثم حشد كافة الإمكانات البشرية والمالية والتكنولوجية والتعاونية وتوجيهها ومراقبة الأداء والإنجازات المحققة وفق مؤشرات أداء دقيقة.
3. تكمن رغبة الدولة في فك البلاد من الأسر الاقتصادي المعتمد على مصدر واحد رئيس للدخل وهو البترول، هذا المصدر الذي يعاني وبشكل دائم تذبذب أسعاره، مما يجعل التخطيط طويل الأجل للتنمية أمراً صعباً محاطاً بالغموض والتكهنات التي قد تؤذي التنمية بدلاً من أن تفيدها.. من هنا انطلقت (إرادة) القيادة، فقامت الرؤية على ركيزة أساسية وهي تحول المجتمع من مجتمع ريعي يعيش على دخل النفط إلى مجتمع إنتاج.. وتنويع مصادر الدخل لتحقيق الاستدامة والقوة الاقتصادية للدولة والمجتمع، ووجهت كافة الإمكانات والقدرات والوسائل إلى تحقيق ذلك وفق أعلى درجات الكفاءة الممكنة.. تلك (الإرادة) ما كانت لتتحقق لولا استقلالية القرار وقوته والإصرار على تنفيذه، والصبر على مواجهة التحديات والصعوبات والعقبات التي سوف تنشأ حتماً من تحول المجتمع تحولاً جذرياً غير مسبوق.
4. (إرادة) الدولة في تحقيق الرؤية ما كانت لتتحقق لولا (الإدارة) الحازمة الملتزمة التي تعمل باحترافية وفق رؤية مخططة معيارية، وجداول زمنية للتنفيذ، وحوكمة عالية صارمة، ورقابة ومتابعة لصيقة لكفاءة الأداء، وتطوير للموارد البشرية، وإعداد للنظم والتشريعات المرنة التي تحفز على الحركة إلى الأمام، وتَبَنِّي المبادرات والبرامج والمشاريع المؤدية إلى التحولات المطلوبة، وحشد الموارد كافة لتحقيقها.
5. (الإدارة) الحازمة كانت الوسيلة لتحقيق (إرادة) الدولة المتمثلة في الرؤية، وانطلقت بتحديث أنظمة العمل في أجهزة الدولة، واعتماد أحدث نظريات الإدارة العصرية بكل ما تعنيه من نظم وأساليب عمل وعلاقات تعاون وتكامل وتنسيق، تحقق كفاءة الأداء المثلى لتصل إلى مستويات عليا من كفاءة الإنتاج وفق مؤشرات قياس محلية ودولية معتمدة، ومقاومة الفساد واقتلاعه من جذوره للرفع من كفاءة الموارد والحد من هدرها بشكل كبير ومستمر.
6. (الإرادة والإدارة) برزت الدولة في هذين المسارين محلياً ودولياً.. فعلى المسار المحلي ظهر جلياً توافق إرادة القيادة مع إرادة المواطنين النابعة من الرغبة المشتركة في التقدم والرقي والازدهار، وعمل كل مواطن من موقعه وفق إدارة حديثة ومنهجية عمل تحقق الفاعلية ومستوى الكفاءة المطلوب في الأداء والإنتاج وبث روح التنافسية.. أما على المستوى الدولي فالنتائج التي تحققت خلال السنوات الماضية جعلت دول العالم قاطبة تنظر للمملكة على أنها قوة إقليمية معتبرة، وأن التعامل معها لا بد أن يكون على قاعدة المصالح المشتركة في كافة الاتفاقيات والحلول.