منال الحصيني
سأضع لك أنموذجاً أوضح فيه ما أعنيه كي تقيِّم نفسك روحياً لتدرك ما أنت عليه وما أريدك أن تصل إليه.
فنحن كبشر لكل منَّا قيمته الرقمية تبدأ بنقطة الصفر أو اللاشيء، نعيش في كون رقمي متجسد ذبذبياً وعلى حسب إدراكك لتلك الذبذبات يكون مقامك في الوعي.
دعنا نبدأ بالرقم الأهم كونيًا وهو (أنت)، وبما أنه يمثل الصفر فهو كيان يتفاعل مع الكون ببث ذبذبات تتناغم مع مثيلاتها لترتد إليه مرة أخرى، فإما بقاء إن ارتفعت تلك الذبذبات أو فناء إن هي انخفضت، ومن خلال ما يرتد إليه تنشأ المعتقدات والأفعال كترجمة فورية لهذه الذبذبات، وبذلك تتحول من (الصفر) إلى عنصر نشط، هنا تكون في مرحلة الإدرا. وبما أن الكون عبارة عن أبعاد طاقية تؤثر على مستوى الوعي لدى الإنسان تختلف من شخص لأخر حسب وعيه وإدراكه وما يؤثر فيه من ردود أفعال وصدمات تنقله من مرحلة لأخرى، فدعني أبسط الأمر بصورة بديعية كما وصفها العلماء بنظرية واحدة، وهي أن الكون (عالم ذو أحد عشر بعدًا) معظمها غير محسوس. وما يعنينا هي الأبعاد الأربعة المحسوسة، جميعها ملتفة حول نفسها لتتجسد كسمفونية أوتارها متذبذبة بشكل معزوفة موسيقية يمكنك من خلالها معرفة هذه الأوتار وفهم رتمها الموسيقي.
لكي لا تمل بعد هذه المقدمة الكونية التي نقلتها لكم كما فهمتها من أصحاب هذه النظرية والتي كتب عنها أصحاب الاختصاص كل بأسلوبه ومعتقداته لتقريب الفهم، دعونا نتيقن أن أغلب البشر واقعون في شباك المستويات الأربع الكونية فكريًا وإدراكيًا يسيرون في حلقة مفرغه.
أعلم أن رؤيتك للموضوع لم تتضح إلى هذا الحين.
يا هذا هل استوعبت أنه من خلال رحلتنا الروحية لابد أننا سنصادف ثلاث فئات من البشر وهم بترتيب تدريجي يبتدئون بـ(أوراق) الشجر، يتواجدون في حياتنا لفترة زمنية قصيرة، فتواجدهم مرهون بتبليغ رسالة معينة ثم ما يلبثوا أن يغادرونا، فبمجرد استيعابنا للدرس يتسللون من نوافذ حياتنا.
أما (الأغصان) فغالبًا ما يكونوا شخصيات أساسية في حياتنا هم الأهل والأقارب دائمًا، ما يكون تواجدهم جسدياً لكنهم غائبون مشاعريًا حين المرور باختبارات مصيرية وربما ظروف صعبة لا تجد لأياديهم مساهمة في تطورك الروحي بإيجابية، فرسالتهم عدم اعتمادك على الآخرين وأن لا تنتظر أي شيء من أي أحد، وهذا ما يسبب الألم.
وبما أن (الجذور) يظهرون حينما تحب نفسك وتعلي من استحقاقك، وحينما تتعلم أنك مهم ورغباتك أيضًا مهمة للغاية، هم رزق على هيئة جبر وحدهم من سيكملون معك رحلتك أثناء صحوتك الروحية.
يظل سؤالي لك: هل صادفت الجذور أم أنك ما زلت عالقاً في مستويات الأغصان والأوراق المتبعثرة تقلم أغصانها تارة وتزيح تبعثر أوراقها تارة أخرى والكون يسير بلا هوادة.
لن تصادف الجذور محض الصدفة، ستكون بعد تجسد سريع لقفزات متوالية عبر أزمان موازية وبعد تجمد لحواسك الخمس، حتى تتوافق مع مرحلتك القادمة الآن وفي هذه اللحظة ستكون في (البعد الخامس).
لم يكن الارتقاء إليه بالأمر الهين فقد جاء بعد عزلة وخلوات إن لم يكن تصوف روحي، ومن وطئت قدمه هذا البعد يرى أنه جنة حياته بالفعل، فسكانه في درجة عالية من الرقي،
وغريب الأمر أنك ما قبل هذه الرحلة بوقت ليس بالطويل ستعيش تجربة استثنائية ومثيرة للاهتمام، ستشعر أن تلك المواقف الإدراكية مألوفة للغاية لديك ولكنك تُِقر داخليًا أنها لا يجب أن تكون مألوفة (فديجافو البعد الخامس) ما هو إلا شعور قوي من الألفة لما نحن عليه في هذه المرحلة، فالصاعدون إليها مرحب بهم كونهم عناصر فاعلة ومتفاعلة في هذا البعد النوراني الرائع، فهنيأ لهم بهذا السلام الداخلي.