د. محمد بن أحمد غروي
على الرغم من فعالية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتسهيل حياة مستخدميها وسهولة التعلّم وإيصال المعلومة من خلاله، إلا أن الدراسات توضح أنها باتت تؤثّر سلبًا على أطفالنا في تشويه أفكارهم عبر مضامين وثقافات وقيم غير سليمة ونشر معلومات مضللة ومفبركة ومجتزأة، فضلاً عن كثرة عزلة الناس عن بعضهم البعض، وظهور جماعات تنادي بفكر إرهابي أو خطاب كراهية.
في ظل وجود سياسات دولية ومحلية لمحاربة مضامين المحتوى الضار، إلا أن خطاب الكراهية بالذات في تصاعد، خاصة مع الأفكار المستندة على التفوق العرقي أو الديني أو الكراهية، أو التحريض على العنصرية والتمييز، لتكون منصات التواصل منطقة مهيأة تمامًا لبثّ التعصب الأعمى، والتي من شأنها تقويض التماسك الاجتماعي والقيم المشتركة، وإرساء دعائم العنف العابر لحدود القارات، وإعاقة السلام والوئام بين المجتمعات، وتهديد الاستقرار والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية.
برأيي أن الأمم المتحدة الساعية إلى تحقيق المساواة العالمية، وتفعيل إستراتيجية شاملة لمواجهة الكراهية؛ للتأكيد على الاحترام الكامل لحرية الرأي والتعبير، والعمل بالتعاون مع أصحاب المصلحة المعنيين، من منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا، ومنصات التواصل الاجتماعي؛ لحلحلة خطاب الكراهية من موقعه، والذي يرى فيه الأمين العام الأمم المتحدة أنه ناقوس خطر «كلما تعالى صوته زاد خطر الإبادة الجماعية، كونه يسبق العنف ويعززه.
فعلى سبيل المثال هناك أكثر من نصف مليار مستخدم لوسائل التواصل في جنوب شرق آسيا ومع اختلاف درجات الرقابة الحكومية على جميع المنصات، نجد في المقابل نفوذ منصة التيك توك الصينية التي ينشط فيها أكثر من 330 مليون مستخدم في الأرخبيل، حيث دقت دول آسيان جرس الإنذار بعد انتشار محتوى الكراهية العرقية والدينية على المنصة، وأصبحت مصدر قلق كبير لحكومات المنطقة، فضلاً عن تأكيدها أن محتواها لديه القدرة على زعزعة استقرار الوئام الوطني.
في اعتقادي أنه يجب علينا تعزيز ودعم مبادرات محو الأمية الرقمية، مع رفع مستوى الوعي التثقيفي للجمهور بأهمية التفكير النقدي، وهذا ما عملت عليه وزارة التعليم من خلال مناهجها الحديثة والتوعية حول استهلاك المعلومات في الفضاء الرقمي.
كما يتوجب على الباحثين في مجال الرقمنة والمبرمجين في المملكة فهم كيفية وآلية عمل الخوارزميات وكيفية التحقق من المعلومات وكيفية وأد المحتوى المضلل والداعي للكراهية في وقت قياسي، لذلك نحتاج إلى مزيد من الدراسات والأبحاث حول تمدد خطاب الكراهية وتحول رسائله المباشرة إلى الخطاب الخفي بكافة مستوياته، والذي يغزو عقول أبنائنا وبناتنا من خلال الأساليب الدعائية المبطنة.