أ.د.عثمان بن صالح العامر
احتفل العالم مطلع هذا الأسبوع باليوم العالمي للقهوة، ذلك المشروب المتعارف عليه اليوم، الذي يختلف عن الموصوف في كتب الطب وأشعار الجاهليين الذين كانوا يطلقون هذا النعت على (الخمر). كما جاء في كتاب (القانون في الطب لابن سينا) و(منافع الأغذية ودفع مضارها للرازي).
وتعد الحبشة - لدى جل المؤرخين والباحثين - موطن الشجرة البرية الأولى للقهوة، ولا خلاف أن لليمن فضل اكتشاف هذا المشروب واستئناس شجرته.
وأول مكان استقبل حبوب القهوة بعد شيوعها في اليمن مكة المكرمة حيث نقلها الحاج اليمنى إلى الأراضي المقدسة أوائل القرن العاشر الهجري، ثم انتقلت إلى القاهرة، حيث كان يشربها المتصوفة الذين كانوا يسكنون الرواق اليمني بالجامع الأزهر للاستعانة بها على السهر في الأذكار والطقوس التعبدية التي يقارفونها، ومنهم انتقلت للذين يسهرون على اللعب والرقص والمجون.
ومن بعد القاهرة سرت القهوة إلى حواضر الشام فالعراق وتركيا والهند وبلاد فارس وأمريكا الجنوبية خاصة البرازيل ثم أوروبا التي عرفت القهوة عن طريق الرحالة والمستشرقين، وأول بلد أوروبي دخلته القهوة كانت إيطاليا، وفي روما حرم البابا كلمنت الثامن 950 هـ القهوة لأنها (مشروب شيطاني) وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه عدد من علماء الإسلام أول الأمر حيث كان التحريم لشربها هو القول الذي ذهبوا إليه سواء في مكة أو مصر جراء اعتبارها من المسكرات، وهي اليوم تعم العالم أجمع.
بنكهات مختلفة وطرق متنوعة وأساليب متعددة، ولا أحد يقول بتحريمها.
وينسب فضل اكتشاف القهوة عند المؤرخين إلى أحد رجال، ثلاثة من المتصوفة المعروفين، وهم: محمد بن سعيد الذبحاني المتوفى عام 875 هـ.
- أبو بكر العدني بن عبد الله العيدروس المتوفى 914 هـ.
- علي بن عمر القرشي الشاذلي الملقب بـ(محدث القهوة) المتوفى عام 828 هـ.
العجيب أن هناك من فريق أنصار القهوة قديماً من يرى أن (البن شجرة في الجنة غرسها سبعون ألف ملك تسمى شجرة السلوان، فلما أهبط الله آدم عليه السلام هبط بها معه من الجنة للسلوان عما كان عليه من النعيم المقيم الدائم، ورماها في هذه الأرض، وهي زيلع والحبشة) نقل ذلك علوان الحموي في رسالته (السر المكنون في مدح البون) عن أبي القاسم الجنيد الذي توفى عام 917 هـ.
وقد أخذ بهذا القول الغريب في نظري جمع من المؤرخين والكتاب وفيه نظمت الأشعار، فقد جاء في منظومة (تحفة الاخوان باستعمال القهوة والدخان لسليمان بن عمر البيسوني الشافعي) قوله: يجوز شرب القهوة المشتهرة لما روى أئمة معتبرة بأن أصلها من الجنان تسمى لديهم شجرة السلوان قد أهبطت مع آدم لما نزل وهكذا شيخ مشايخي نقل غرسها سبعون ألف ملك.
كما رُوي عن الجنيد وحكي ذكر ذلك وبينه بالتفصيل البديع ماجد بن عدنان الأهدل في كتابه (ديوان القهوة) دمتم بخير وتقبلوا صادق الود وفائق التحايا والسلام.