سهوب بغدادي
فلان 1: في أمان الله.... فلان 2: انتبه على نفسك.... فلان 1: «حوار داخلي» كيف انتبه على نفسي؟ هل أمسكني بيدي على قارعة الطريق؟ أو أغطي نفسي جيدًا قبل النوم لكي لا أصاب بالبرد؟ تساؤلات كثيرة تثيرها عبارة انتبه على نفسك أو صورتها الحديثة «انتبهلك» قد تُقال الكلمة من باب المجاملة لإنهاء الحديث في مكالمة أو لاختتام لقاء بين الأصدقاء، وهكذا، إلا أنها فعلاً تعني الكثير، ليست مجرد كلمات تحمل مفهوم الحب أو الحرص على ذلك الشخص المهم جدًا في قلب من عبّر بها، فتتعدى كل هذه المشاعر والأحاسيس والمخاوف، لتعكس ما هو أكبر من المنطوق والمكنون -فقط للتوضيح لم تقل لي هذه الكلمة من قبل والسبب واضح من المقال- في بادئ الأمر، إن العالم مصمم ليجذب انتباهك، كل شيء حولك صمم خصيصًا ليجذب انتباهك، من دعايات على الطرقات والتلفاز، وتصميم الهاتف الجميل، والتطبيقات التي تساعدك على أداء مهام، المنتجات المتداخلة في حياتك اليومية، كل شيء وما قيل على سبيل المثال لا الحصر، في المقابل، أنت تسعى طوال حياتك لجذب الانتباه، بدايةً منذ نعومة أظافرك عندما تحاول جذب الوالدين ثم المعلم والأقران في المدرسة ومحاولة الاندماج معهم، من ثم لفت انتباه الشريك المحتمل بشتى الطرق، بحسب علماء المخ والأعصاب أن الانتباه هو رأس مال الإنسان، فكلما تشتت انتباهك كانت جودة حياتك أسوأ، وكلما زاد انتباهك زادت جودة حياتك في مواطن عدة، والأهم من ذلك هو كيفية تحسين الانتباه، أو ممارسة الانتباه، كما يطلق عليه البعض ببساطة «عيش اللحظة» فيجب أن يتدرب الشخص على الانتباه للحاضر أي خلال هذه الدقيقة، وليس الساعة القادمة، ولنفعل تطبيق عملي الآن، أنا الآن أكتب هذا المقال، أفكر في الموضوع وطريقة إيصال الفكرة، ومشاعري جيدة -ولله الحمد -، إلا أنني أشعر بالحر قليلاً نظرًا لأن عباءتي من قماش شتوي، وهي هفوة بدرت مني نتيجة عدم انتباهي للحاضر قبل ساعتين عند خروجي من المنزل، إذ فكرت في الجو البارد الذي قد أشعر به في المكتب بناءً على توقعات مسبقة وتجربة آنفة، ولكن اليوم لم يكن ككل يوم، لا بأس، لأن الزحام شديد، وذلك أمر يكفي للتفكير به، بل إنني أشعر بالبرد في السيارة لذا كان خياراً جيداً! توقف! هل رأيت عزيزي القارئ ما حدث؟ لقد تبحرت في الأفكار، فكنت بداية أكتب مقالاً ووصلت إلى خامة العباءة والطقس ثم الزحام! هذا ما يستنزفك، ويأخذ أجمل أيام عمرك، في التفكر المستقبلي أو التوقف على أطلال الماضي، فما كان انتهى وما سيكون قد لا يكون وفي علم الله جلّ جلاله، فيجب علينا «الانتباه للانتباه» الأمر حقًا ليس بالسهل، فهي مهارة تتطلب الممارسة والتدريب غير المنقطع، حتى الوصول إلى النتائج المرجوة بإذن الله، رجوعًا إلى انتبه لنفسك، قد تعني المفاهيم الأولى والبديهية أو انتبه لانتباهك وعش لحظتك بوعي وسعادة، لأن الانتباه هو الذي يصنع الذكريات الجميلة التي نستند إليها في حال احتياجنا -حماكم الله- وتسلحنا بالأدوات اللازمة لبناء مستقبل بديع -بإذن الله- هكذا أحب أن أفسرها في حال قيلت لي أو سمعتها تقال لأحدهم، في الختام، انتبهلك.