محمد سليمان العنقري
البيئة البحرية تواجه مخاطر وتحديات بيئية واسعة في العالم فالبحار والمحيطات زاخرة بالثروات التي أنعم الله بها على البشر فهي مسؤولة عن 50 بالمائة من الأوكسجين الذي نتنفسه وتنتجه الطحالب والنباتات المائية بخلاف ما يتم اصطياده من أسماك وغيرها من الكائنات البحرية ودورها في الامن الغذائي، والمملكة تمتلك شواطئ مميزة وممتدة على مسافات طويلة ومليئة بثروات هائلة ومنافع كبيرة وقد أصدرت الدولة العديد من الأنظمة والتشريعات وأسست جهات معنية بحماية الحياة البحرية وكذلك شواطئ المملكة غرباً وشرقاً وقبل أيام أنجزت حملة قامت بها كلٌ من محافظة وأمانة جدة ضمن برنامج المحافظة التطوعي «لنبادر» حيث هدفت الحملة لحماية شواطئ جدة عروس البحر الأحمر والتعريف بأهمية حماية شواطئ المملكة عموماً فالسعودية أولت أهمية كبيرة لحماية البيئة البحرية وهذه المبادرة تأتي ضمن الجهود التي تبذل في كافة المناطق البحرية لتحقيق الأهداف الرامية لشواطئ نظيفة وبيئة بحرية سليمة.
وقد ركزت الحملة التي أطلق عليها اسم «عينك على البحر» على عدة أهداف منها شعور الفرد بمسؤوليته وكذلك المجتمع تجاه المحافظة على شواطئ الوطن بالإضافة إلى تحفيز روح العمل التطوعي كطريقة للتعبير عن دور الفرد بخدمة الوطن فالهدف الوصول إلى 1000 متطوع للحفاظ على بيئة الشواطئ و1000 غواص متطوع للحفاظ على بيئة البحر وهنا لابد من التذكير بأن من أهداف رؤية المملكة الوصول إلى مليون متطوع لتفعيل واسع لدور المجتمع في المبادرات التي تطلقها الجهات الحكومية في مجالات عديدة من أهمها حماية البيئة التي نعيش فيها ونستفيد منها فلابد من المحافظة عليها بشراكة جماعية كما يضاف لأهداف الحملة تطوير قطاع السياحة من خلال المحافظة على ِِشواطئنا التي تعتبر من عوامل الجذب للسياح فلا يمكن الاستفادة سياحياً من البحر إذا لم تكن البيئة نظيفة ويستكمل ذلك أيضاً بتحسين المشهد الحضري في المدن السعودية كما تعزز الحملة دور المحافظة والأمانة والجهات الحكومية في المبادرات التطوعية التي تخدم المجتمع والاقتصاد الوطني حيث تميزت هذه الحملة بشراكة من عدة جهات حكومية بالإضافة للمتطوعين الأفراد من طلاب وغواصين وكذلك القطاع الخاص بشراكة من مطاعم البيك وهو ما يعزز ويفعل أدوار كافة أطراف المجتمع، فجدة تعتبر بوابة اقتصادية كبيرة حيث تعد المنفذ الرئيسي للحجاج والمعتمرين من الخارج وكذلك مركزاً تجارياً مهماً فهي حاضنة لأهم الموانئ التي تربط المملكة بالعالم تجارياً مما يؤهلها بجمال شواطئها ودورها الاقتصادي وعدد سكانها الذي يفوق أربعة ملايين نسمة والزائرين لها لأن تكون إحدى أهم الوجهات السياحية ولذلك فإن ما أقيم على شواطئها من مشاريع سياحية بالإضافة لكون بحرها فيه ثروات كبيرة منها المرجان وفيها أهم مناطق الغطس والتي تجذب هواة هذه الرياضة من الداخل والخارج فإن بقاء شواطئها وبحرها نظيفين فيه منافع كبيرة جمالية وصحية واقتصادية فالمصلحة عامة للجميع بالحفاظ على بيئة بحر جدة خالية من المخلفات الخطرة عليها فالالتزام بالتعليمات وكذلك اتباع الطرق التي يتم التخلص فيها من النفايات من زوار ومرتادي شواطئ جدة أو من يقومون برحلات بحرية أو غوص ببحرها يعد من أهم العوامل التي تحافظ على البيئة البحرية وحمايتها.
تقيم المملكة منذ إطلاق رؤية 2030 مشاريع سياحية ضخمة وجدة من أهم المستفيدين منها ويتوقع أن يصل حجم قطاع السياحة بالناتج الإجمالي إلى 7 بالمائة ولذلك فإن حماية البيئة في البر والبحر مسؤولية المجتمع لأنها من عوامل الجذب السياحي وتكثيف المبادرات لتحقيق هذا الهدف في غاية الاهمية ونتمنى أن تكون مثل هذه المبادرات مجدولة من كافة المحافظات مما يساهم بزيادة الوعي المجتمعي وتفعيل دور الفرد والقطاع الخاص المستفيدين من البيئة النظيفة صحياً واقتصادياً فحملة عينك على البحر في جدة رغم أنها استمرت خمسة أيام لكنها جمعت نفايات من البر والبحر اشتملت على البلاستيك والألمنيوم والعديد من المخلفات بلغ وزنها 5770 كيلو غراماً وعدد المتطوعين من الطلاب بالتعليم العام والجامعي وعبر المنصة وكذلك الغواصين بلغ 1023 متطوعاً مما يدل على إقبال للتطوع وكذلك على حاجة ماسة لاستمرار العمل لتنظيف البيئة البحرية فحجم ما جمع من نفايات رغم قصر المدة يعد كبيراً ويظهر أهمية الحملة وتفاعل المجتمع معها.