د.عبدالعزيز بن سعود العمر
في أي أمة، يبقى النقد دائمًا متطلبًا جوهريًا، وذلك لضمان أن مسيرة الإصلاح والتطوير تتحرك بزخم كافٍ في اتجاهها الصحيح المستهدف، ولا تعيد ارتكاب الأخطاء نفسها. لكن النقد نفسه قد يحيد أحيانًا عن المنهج السليم، وذلك عندما يفتقد صاحبه النية الصادقة والمخلصة، وعندما تسيطر على تفكيره الشخصنة (لحاجة في نفس يعقوب) على حساب الموضوعية والمصداقية، لذا فإنه يمكن تصنيف النقد إلى نوعين: نقد بناء (دافعه حب الإصلاح)، ونقد هدام (دافعه تفريغ ضغائن مكبوتة). النقد البناء يمارسه غالبًا أهل الفكر والرؤى النقدية الناضجة، ممن عصرتهم الحياة والتجربة، وممن لديهم حس وطني إنساني رفيع يتجاوز الأحقاد الشخصية، هؤلاء النقاد الصادقون لديهم احترافيه عالية في اختيار مفرداتهم، فهم مثلاً يتجنبون العبارات الحدية القطعية، فمثلاً بدلاً من استخدام مفردة (فشل)، يستخدمون عبارة (عدم توفيق)، وبدلاً من عبارة (تراجع التعليم) يستخدمون عبارة (ربما تراجع التعليم)، وبدلاً من أن يفترض وجود ظاهرة سلبية ليعلق عليها، تجده يطرح سؤالاً حول وجودها أصلاً قبل أن يتناولها بالتحليل الموضوعي، الناقد الموضوعي عندما يجد عملاً مميزًا يثني عليه، أما الناقد المشخصن فهو يغض الطرف عن كل إبداع، وينقب عن هفوات مهما كانت صغيرة ثم يضخِّمها.