عبد الله سليمان الطليان
عندما يرحل ابن ادم عن هذه الدنيا ويوارى الثرى، ينقطع عمله في ممارسة العبادات الواجبة والمفروضة والتطوعية, ولكن مع هذا الانقطاع الذي توقف فيه الجسد عن أداء العبادات, هل يبقى له شيء يزيد له في الأجر والثواب, نعم من خلال حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعإلى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
سوف أتوقف عند مسألة (علم ينتفع به), طبعاً عند علماء الحديث يقصد بالعلم هو العلم النافع الذي يهذب الأخلاق, فيسري إلى الأعمال الظاهرة ويصلح الظاهر والباطن, وهو التعلم بالشريعة التي تفيد المسلم وفيما يجب عليه من أمور دينه في عبادته ومعاملاته وأخلاقه وسلوكه وكذلك العلوم الدنيوية التي فيها فائدة للمسلمين.
هناك في عصرنا أعمال خيرية متنوعة من بناء مساجد أو وضع أوقاف أو دعم جمعيات خيرية ليست على مستوى بلدي العزيز ولكنها منتشرة في أنحاء العالم, كل هذه الأعمال تعتبر من الأعمال التي تعود على أصحابها بالأجر والثواب في الدنيا والاخرة, ولكن إذا كان الحديث وجد في عهد الرسول صل الله عليه وسلم حيث كان المجتمع صغيراً قياساً على الحاضر الذي شهد تغيراً كبيراً في عدد السكان وتنوع شؤون الحياة, فلابد من مسايرة هذا التغير, بحيث يكون هناك بحث في الأفضل الذي يجعل النفع يشمل شريحة واسعة من المجتمع, وذلك بالتركيز على العلم النافع الدنيوي, ومن دون إهمال العلم النافع الأخروي, وكيف ذلك؟ يكون عبر دعم الأبحاث العلمية والطبية والمشاريع الصناعية والزراعية في داخل البلد، سوف تكون الفائدة عظيمة، تساهم في إيجاد فرص عمل وتدفع البلد إلى مزيد من التطور والتقدم.
قد أكون غير مطلع عن كثب على أن هناك دعماً لذلك وهو يتم بطرق مختلفة وبشكل غير ظاهر، وإني أتمنى ذلك, والذي سوف يوجه لي النقد في أن العلم النافع الذي ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة يرتكز على تعليم القرآن والسنة النبوية فقط, أذكّره بحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « ما من مسلمٍ يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلاَّ كان له به صدقة.