عبدالله إبراهيم الكعيد
مصداقية المصدر
شدّني عنوان مقال نُشر في مجلّة «ريدرز دايجست» قبل أن تغادر المشهد الصحافي: «لا تُصدق كل شيء تسمعه».
سياق الموضوع لم يكن كما توقعته، بل كانت كاتبة المقال تُفنّد مقولات وحِكماً سائدة أثبتت الدراسات ضعفها، بل ونسفتها من قواعدها.
لو كان لي (بصفتي ككاتب) إعادة صياغة الموضوع فسأركّز فيه على ما يحدث اليوم في منصّات التواصل الاجتماعي: الفيس بوك، سناب شات، التغريدات في X)) تويتر سابقا وخصوصا مساحاته الحواريّة، وبقيّة الوسائل الاتصالية الأخرى لأنها ميادين متاحة لكل خبيث يود بث الإشاعات ونشر الأكاذيب وتصفية الحسابات مع الغير وارباك المجتمعات.
احتوى مقال «الريدرز دايجست» إياه على رسم كاريكاتيري لرجلٍ محتار ما بين أُذنه اليمنى لشخصٍ يحقنه بمعلومات متدفقة وبين أُذنه اليسرى لامرأة تحقنه هي الأخرى بكلام أقرب للثرثرة، تخيلت المشهد بعد تلك السنين وكتبت ما بقي منه في ذهني.
أقول:
إن وسائل الإعلام العريقة ومنها الصحافة كوسيلة اتصالية لها الأسبقيّة في تاريخ وسائل الاتصال لم تبنِ موثوقيتها بين يوم وليلة، ولم تك تخاطب جمهور القرّاء بالتفاهات والهرطقات وسقط القول أو نشر أخبار مفبركة هدفها الإثارة. لهذا حظيت طوال تاريخها بتقدير القرّاء وارتباطهم بها لما وجدوه من مصداقية واحترام لعقولهم.
أحسبُ أن أيّ عاقل هو ذاك الذي يُحلل ما يصله من معلومات ليتأكّد من مدى صدقيتها أولاً. لأنه يُقال حكايات لا يمكن لحصيفٍ تصديقها لحجم الأكاذيب المحشورة فيها.
بالمقابل هنالك معلومات (قابلة) للتصديق، ولكن قد يكون مصدرها مجهولا أو غير نزيه، غير محايد وهذه أيضا يُفترض عدم إشهارها بإعادة نشرها.
المصدر الموثوق هو العنصر الأساس في كل حكاية وخبر.
في حديث جرى مع مجموعة من الزملاء في مناسبة رسمية قال أحدهم إن ما يُنشر أحيانا في (السوشيال ميديا) من إشاعات وأكاذيب أمر مزعج ويُثير الفتنة وضرب مثلاً في كيفية تناقل الأخبار كمعلومة يقولها فرد للشخص الذي بجانبه ويُطلب منه قولها لمن هو بجانبه وهكذا. ستعود المعلومة إلى القائل الأول وقد تراكم فوقها معلومات مضافة قد تُخل بمجمل الخبر. يحدث مثل هذا كثيراً في منصات التواصل الاجتماعي.
ايتها المصداقيّة من رآكِ؟.