سهوب بغدادي
بما أننا نعيش في عصر سرعة الوصول، متمثلة في استقبال المعلومات، وإرسالها، فإن هذا الأمر يتضمن تباعًا ضخامة حجم المعلومات اليومية التي يتعرض لها الشخص العادي بمجرد استيقاظه من النوم، ابتداءً من تطبيقات التواصل الاجتماعي وصولاً إلى التطبيقات العادية والمتنوعة ما بين ترفيه وتقديم خدمات، كالملاحظات الرقمية التي أكتب لكم مقالي هذا من خلالها في هذه اللحظة، بلا شك، أن الدعايات ذات تأثير لا متناهٍ إذا ما تم توظيف الوسائل والأدوات الصحيحة للفئة المستهدفة، ومن منا لا يتذكر شيء من دعاية قديمة سواء كانت في تلك الأغنية أم القصة ككل، والأغرب أن لكل شخص منا دعاية مفضلة وإن لم يهرع للأسواق ليبتاع المنتج، بالنسبة لي، أحب تلك الدعاية القديمة جدًا التي تحوي مجموعة من الخضراوات والدجاج مجتمعين في مكان واحد ليزفوا المنتج على الطريقة الحجازية، وتعلو فيها «الزغاريط» والأهازيج، لأصدقكم القول، توقفت عن الكتابة قليلاً لأبحث عن الدعاية واستذكر المشهد، نعم، لا يزال المفضل لديَّ، إن هذا التأثير الممتد لا يأتي اليوم بذات الشكل القديم للدعاية بل يتنوع من خلال وسائل أخرى للتسويق، ونظرًا لكثرة المنتجات المنافسة نشهد ظاهرة حرب العلامات التجارية الكبيرة، وتتنوع ما بين الأساليب النظيفة وعكسها، في هذا السياق، أعرج على ما حصل خلال الفترة القريبة الماضية، حول انتشار وسم «هاشتاق» لقهوة ادعى أحدهم أنها «قهوة الفقراء»! بالتأكيد سبب ذلك الادعاء لغطًا واسعًا وسجالاً محتدماً بين محبي القهوة ومن يفضلون غيرها من المنافسين، قد تكون غلطة من أحدهم يتسم بالتفرقة تجاه العلامات بناءً على السعر، وهذا يدل على نفسية الشخص وطريقة تفكيره الاستهلاكية والتبعية «للهبات»، فكما ذكر سابقًا، أن الجميع يتعرض لمحتويات مواقع التواصل الاجتماعي وهي أشبه بالبرمجة، فقد يتبرمج الشخص على الطبقية مع بروز ظاهرة المشاهير وما يعرض من مظاهر بذخ فجائي، وقد تكون المسألة تسويقًا إما من أحد المنافسين، أو من ذات العلامة للترويج لفكرة ما على سبيل المثال «أسعارنا الأقل وستظل الأقل، أو سنقوم بتخفيضها أكثر لمدة محددة» على كل حال، مجال التسويق والتجارة طويل ومليء بالدهاليز، وما علينا سوى أن نتفكر فيما نتعرض له من محتويات تبث علينا من كل حدب وصوب، وأن نتسلح بالوعي بالذات بدايةً وبالمحيط في نهاية المطاف، على الهامش، في حين كان هناك تفكير مماثل لقهوة الفقرا، فلا نستطيع إلقاء اللوم على صاحب النشاط التجاري خاصةً المبتدئين عندما يسعر منتجاته بطريقة جنونية، وتقال هذه الجملة مرارًا «على إيش غالي وهو جديد وغير معروف؟» فقد تكون طريقة لتنميط العلامة بأنها راقية، والمؤسف في حال نجاحه سينتقل تأثير الدومينو إلى منافسيه والنشاطات الأخرى.
ختامًا، لن أشرب قهوة الفقراء ولا الأغنياء، سأصنعها بنفسي في البيت.