د.محمد بن عبدالرحمن البشر
يوم وطني جديد يذكرنا بالماضي، ويسجل إنجازاً جديداً بين عيدين، سابق فيه الزمن مع ما يحمل من خير ومحن، يوم وطني نطل من خلاله إلى توحيد المملكة العربية السعودية بقيادة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، بعد أن كان التناحر والاقتتال بين القبائل والقرى، يحدث بين تارة وأخرى، والصراعات بين القرى والأفراد، يومض بعد أن كان قد انطفأ، وحل الاستقرار، فلا اقتتال، ولا صراع، وإنما وحدة وبناء، ونظرة إلى المستقبل بعين يملؤها الأمل والتفاؤل، والثقة في الله سبحانه وتعالى، ومر على هذه المسيرة الطويلة الكثير من العقبات، والأفراح والأتراح، وكانت الحكمة هي مركب النجاة الذي اختاره الملك عبدالعزيز، وسار على نهجه من تبعه من الملوك، الذين سار موكب مسيرتهم على نهجه مع الاستفادة من المتغيرات، والتعامل مع الأحداث السياسية والاقتصادية التي تطل برأسها على بلدان العالم، ومنها المملكة العربية السعودية بين وقت وآخر، تطور متعاقب شهدته المملكة منذ نشأتها، حملت الخير الكثير لأبنائها، وجيرانها، ولا أعتقد أن هناك دولة في العالم امتد خيرها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أكثر من المملكة العربية السعودية، واستفاد من تلك الخيرات دول وأفراد وعائلات، بل نهضت دول وتغير حالها بمساهمة من المملكة العربية السعودية.
بفضل من الله، ورحمة، وكرم، وعطاء، تم اكتشاف النفط في المملكة، وكان رافداً كبيراً لتعزيز مكانة المملكة الناشئة، وعنصراً زاد من مكانتها السياسية والاقتصادية، وسارعت الدول في التودد إليها، ولم يغير ذلك العامل الحديث من خطها الذي سارت عليه بل استفادت منه بكل ما أمكن، وعندما ظهرت ظاهرة تأميم النفط عند بعض الدول بعد أن تبين لها الاستغلال غير المنصف لمورد النفط، لم تسِر المملكة على خط التأميم، بل قامت بالتفاوض مع الشركات لشراء حصتها بسعر مناسب، ومتفق عليه من الطرفين، كما مر النفط بمراحل هبوط وارتفاع سواء في الطلب أو في السعر، وكانت المملكة دائماً وأبداً تتخذ القرار الذي يعمل على توازن السوق بما يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين معاً، كما كانت ومازالت المؤثر الرئيس في أوبيك، وأوبيك بلس لمصلحة سوق الطاقة في العالم.
بعد أن قام المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله ببناء القاعدة الراسخة لهذا الصرح الكبير، وسار أبناؤه الملوك من بعده على ذلك الطريق طبقاً لمعطيات التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت ومازالت تسود كما هي سنة الدهر، وضروبه، وصروفه.
حل عهد جديد بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين حفظهم الله، ولاح في الأفق إطار جديد ونمط مبتدع حديث، تأطر في رؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز التي تحمل أهدافاً سوف يكتمل تحقيقها في عشرين ثلاثين، ومما رأيناه اليوم فإن الإنجاز قد سبق الزمن المرسوم، والخطوات تتسارع، وقد شاهدنا هيكلة كاملة لإدارة الدولة، وتبني التقنية والحكومة الإلكترونية، قولاً وفعلاً، ولا أعتقد أن هناك دولة في العالم تضاهي المملكة في هذا الإطار، كما تم التخطيط والبدء بتنفيذ المشاريع الكبرى العملاقة التي قل نظيرها، مثل نيوم، والدرعية، والبحر الأحمر، والمربع، وغيرها، كما تم الاعتناء بالبيئة والمحافظة على الغطاء النباتي، وزيادة التشجير للوصول الى أهداف محدده مثل الرياض الخضراء، والمساهمة بتشجير عشرة مليار شجرة في المملكة وخمسين مليار شجرة على مستوي العالم، وهذا يعني سبعة في المائة من غابات الأمازون التي تسمى رئة العالم لامتصاصها كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وإطلاق الاوكسجين، ويساهم بعشرة في المائة من انبعاث الاكسجين.
لقد أسس الملك عبدالعزيز لتغير اجتماعي لافت بإنشاء الهجر لتوطين البادية، حتى يتمكنوا من الحصول على تعليم ديني وعلمي مناسب، وقد جعل في كل هجرة طالب علم لتعليم الإسلام الصحيح، والتعريف بأهمية الوحدة الوطنية، وتلاحم المجتمع، والمشاركة الفاعلة في التنمية، وتعلم أساليب جديدة للعطاء والكسب.
واليوم يعيش المجتمع السعودي في ظل رؤية عشرين ثلاثين، طفرة اجتماعية، تشمل تمكين المرأة، وحفظ الحقوق لكلا الجنسين، ورعاية الطفل والحفاظ على حقوقه، وتوفير الترفيه المناسب للجيل الجديد من الشباب والشابات، وربطه بالثقافات الأخرى، والاهتمام بالرياضة كجزء من التنوع في الترفيه، وبناء جيل من الشباب يتمتع بصحة أفضل لما للرياضة من أثر في تحسن الصحة للكبار والصغار، وأصبحت ممارستها تأخذ قسطاً من الوقت لجميع المجتمع سواء نساءً أو رجالاً، وتنوعت الألعاب، وأصبح لكل فرد فرصة لممارسة أو مشاهدة ما يناسبه.
لقد أسس الملك عبدالعزيز رحمه الله صرحاً شامخاً، أصبح الآن من أكبر الدول، فالمملكة عضو فاعل في مجموعة العشرين ومدعوة إلى بركس، وعضو فاعل في الويك بلس، ومساهم كبير في المحافظة على البيئة، ومنبع لمبادرات السلام بين الدول، والمساعدة الإنسانية في أي مكان في العالم يتطلب ذلك.