إبراهيم بن سعد الماجد
الوقف من منظور اقتصادي: تنمية واستثمار، ويُعد من القنوات الإنتاجية المستدامة، كونه لا يُباع مهما طال الزمن، كما أنه لا يستهلك في أوجه تجعل منه غير قادر على البقاء، كما أن التعدي عليه يعد جريمة تعاقب عليها الأنظمة، ولهذا فهو يحسب من الثروات التراكمية، كوننا نضيف إليه يوماً بعد يوم ما يعزز قيمته، ويديم بقاءه.
* دور الأوقاف في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية المملكة 2030
نشرت الأمم المتحدة حول دور الأوقاف في تحقيق التنمية المستدامة ورؤية المملكة 2030 مايلي:
اعتمدت الأمم المتحدة في عام 2015 جدول أعمال التنمية المستدامة 2030، ويُعد هذا الجدول برنامج عملٍ للأشخاص والكوكب ككل ويهدف إلى تحقيق الازدهار والسلام والشراكة. وعلى صعيدٍ آخر، أطلقت المملكة العربية السعودية رؤية 2030 في العام ذاته بهدف تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد وتعزيزه ومن ثم تحسين الرفاهية للعامة. وسيتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة الطموحة والشاملة وكذلك بلوغ أهداف رؤية 2030 وضع نهجٍ شاملٍ وإيجاد حلول مبتكرة تساعد على دمج الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية معًا فضلًا عن تحقيق التوازن بين هذه المجالات. ويتصف قطاع الأعمال الخيرية والمجتمع المدني بأنهما من العوامل المهمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وبالمثل، يُتوقع أن تزيد رؤية 2030 من حجم القطاع غير الربحي بما لا يتجاوز 1 إلى 5 % من إجمالي الناتج المحلي وكذلك زيادة نسبة مشروعات هذا القطاع مما يؤثر على إجمالي الناتج المحلي بنسبةٍ تتراوح من 7 % إلى 33 % بحلول عام 2030.
وقد نشطت الأوقاف في المملكة بعد التشريعات الجديدة، وإنشاء الهيئات المتخصصة، التي أصبحت تتعامل مع الأوقاف كقطاع تنموي مؤثر في الاقتصاد الوطني بشكل كبير، وهذا مما دفع الكثير من القادرين على إنشاء أوقاف خاصة بهم، وفق معايير ثابتة، تساهم في التنمية والاقتصاد.
ويمكن تصنيف الأوقاف إلى عدة أنواع: من أبرزها وقف قائم على أصول، ووقف استثماري ووقف مؤسسي أو مشروع اجتماعي.
وفي السنوات الأخيرة برزت ثقافة الوقف بشكل مختلف، فلم تعد مجرد مبانٍ سكنية ، بل صارت بأشكال مختلفة، منها على سبيل المثال: وقف الأشجار، من نخيل وغيرها من الأشجار ذات النفع طويل المدى، ليأتي هذا التوجه داعمًا لرؤية المملكة للتنمية المستدامة.
تقول الأمم المتحدة في منشور لها حول الأوقاف في المملكة:
تُعد المملكة العربية السعودية دولةً غنيةً بالأوقاف نظرًا لمكانتها المرموقة بين الدول الإسلامية. وقد شهد هذا القطاع على مر السنين العديد من التغييرات التي أسفرت عن إنشاء الهيئة العامة للأوقاف في عام 2015 بهدف تنظيم الأوقاف والمحافظة عليها وتطويرها وتنميتها داخل المملكة العربية السعودية، كما تُظهر الأوقاف الحالية مرونةً كبيرةً في تحديد الأنشطة الخيرية ومكانها والأشخاص القائمين عليها وطريقة تنفيذ هذه الأنشطة في ظل القدرات الهائلة المسخّرة لتحقيق رؤية 2030 وأهداف التنمية المستدامة. وقد توصّلنا إلى أن المملكة قد أصبحت في عام 2020 موطنًا لأكثر من 113.000 مؤسسة وقفية تبلغ قيمة أصول الأوقاف بها 235 مليار ريال سعودي بينما بلغ حجم الإنفاق السنوي في المجالات الموائمة لرؤية 2030 7.4 مليار ريال سعودي ووصل هذا الإنفاق إلى 6.1 مليار في المجالات المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة وذلك استنادًا إلى تحليل البيانات الأولية والثانوية الصادرة من الهيئات الحكومية والمطروحة في الدراسات القائمة على العينات.
لعل من الأهمية بمكان الإشارة والإشادة بما تقوم به بعض جامعاتنا في هذا الاتجاه بتأسيسها أوقاف تضمن لها بإذن الله الاستدامة المالية، دون الاعتماد على موازنة الدولة، وهذا ما أكدت عليه رؤية المملكة 2030.
الحديث عن الأوقاف وأهميتها، وأهمية البحث حول كل ما من شأنها ترسيخ دورها المجتمعي حديث يطول، لعلنا نتناوله في مقالات قادمة مدعم بمقترحات تساهم في النهوض به بأشكال مختلفة..