خالد الدلاك
رحل رجل المحبة والطيبة والكرم والأخلاق، رحل الحبيب اللبيب، العطوف الرحوم، صاحب القلب الأبيض والروح الأطيب، اتفق الجميع على حبه واتفق الكل على ما يكنه من نقاء وصفاء داخل روحه وفؤاده، عظيم في انسانيته شهم في وقفاته ومواقفه وجوده وكرمه، لم يختلف اثنان على تقديره وحبه فالتاريخ الرياضي يجسد لنا شخصية لطيفة ورهيبة وعجيبة في نفس الوقت، لا يسودها الغموض سمتها اللطف والكفاف والعفاف، والصدق والصراحة في الجد والمزاح فحتى لو حدث وإن حدث موقف مستغرب منه كطبيعة للبشر وسماتهم فله من رصيد المحبة في كل القلوب ما يكفي لمسامحته عن كل زله حدثت ونسيان كل موقف صار، أشهد بالله أنه لم يضر أو يتجنى على أحد في حياته، كل من عرفه عن قرب يزداد تولعا به ومحبة لأنه يعرف أصالة معدنه وفضل إحسانه وشهامته وحنانه وحتى لو فاجأك بتعليقه وكلامه فهو بلا شك من طرف لسانه لا من قلبه ووسط أعماقه.
من أبرز سماته كونه جزل في عطاء المستحقين من احبابه حتى لو ابتعدوا عنه أو منعتهم الظروف من اللقاء به وزيارته، طبعه الوفاء والعطاء بدون منة وبكل سخاء، فكم من بيت فتح وكم من كربة فرج وكم من حاجة بأمر الله وتوفيقه قضاها.
ما يجمعني بسموه -رحمه الله- تاريخ طويل وعلاقة مبكرة ومشرفة منذ أن كان طالبا في معهد العاصمة النموذجي، لذا فمن باب نسب الفضل لأهله فقد كان نقطة تحول في حياتي الاجتماعية وعلاقتي المميزة على مدى أكثر من 30 عاما (والتي افتخر بها) بأنجال الفقيد رجل الدولة والحكمة الأمير محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن -رحمه الله- وفي مقدمتهم الأخ العزيز ورفيق الدرب الأمير العطوف صاحب القلب الكبير نواف بن محمد وشقيقاه الأميران تركي وفهد اللذان أقدم لهم خالص العزاء وعظيم المواساة في فقيد الجميع (أبوعبدالله) الذي وإن رحل فسيظل معنا بطيفه وروحه وحسن مسيرته وسيرته. وأنا وإن كنت مثل غيري كثيرين قد فجعنا وصدمنا برحيله ووفاته فأنا لم أفاجأ بها لأنه هكذا هم الطيبون يرحلون عنا فجأة دون أن يزعجوننا بألم أو أنين وهكذا هي الأقدار دائما ما تخطف الأخيار وهكذا هم الأحباء الأنقياء اللطفاء يعيشون بيننا بصفاء ونقاء ويودعوننا بهدوء وحياء.!
رحمك أيها الأمير والأخ والصديق وأثابك على سيرتك وفعلك الحسن وأسكنك فسيح جناته وجعل ما أصابك كفارة وطهوراً إن شاء الله، ولا نقول في الختام إلاّ ما يرضي الله {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، نافذ فينا حكمه قاضٍ فينا أمره، له ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بحساب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.