عبده الأسمري
ما بين الترجمة الحرفية والمراسم الملكية كتب «مسيرة» اليقين واحتفى بسيرة «التعيين» حتى أسس أصول «الأمانة» وجنى فصول «المكانة» بواقع «الذكر» ووقع «الشكر» ووقائع «الأثر».
رتب «مواعيد» الهمم «على أسوار «التكليف» ورسم «خرائط» التفوق في منصات «التشريف» فظل «ثاوياً» في أهل «التمكين» مجللاً بدواعي «المثابرة» ومكللاً بمساعي «المصابرة».
مضى راشداً يوزع «تعابير» الرضا ووقف صامداً يهدي «تباشير» الفرح محولاً «عقبات» الظروف إلى «وثبات» اجتاز بها «ظروف» الطفولة ونال منها «وصوف» البطولة.
إنه مترجم الملوك نائب رئيس المراسم الملكية الأسبق معالي الأستاذ منصور الخريجي أحد أبرز رجال الدولة وقيادات التنمية.
بوجه قصيمي تسكنه ومضات «الوقار» وتملؤه بصمات «الاعتبار» وعينين تنضخان بنظرات الدراية ولمحات الحكمة وتقاسيم خليطة ما بين الجدية والندية والهدوء والسكون وشخصية تتميز بأناقة «الحديث» ولباقة «التواصل» وطيب «القول» وجمال «اللفظ» وجميل «الأسلوب» ولطف «المعشر» وحيادية «الرأي» ووسطية «المنهج» وهندام وطني عامر بالمظهر الأنيق الموشح بالبياض وصوت مسجوع بلهجة تتناغم ما بين «قصيمية» بحكم الأصل و»شامية» باحتكام «المولد» ومدينية باستناد «النشأة» تتحد في ميزان «الهوية» لتكون بيضاء في مواقع الأسرة ووقائع المحافل وعصماء في مجالس الملوك واتجاهات المراسم ولغة «إنجليزية» احترافية قوامها «التخصص» ومقامها «الاختصاص» وحضور باهٍ وتواجد زاهٍ في قاعات «الجامعات وميادين الترجمة ومواطن التوجيه ومنابع القرار قضى الخريجي من عمره سنين وهو يضئ «مسارب» التراجم بمعاني «اللغة» ويبهج «اتجاهات» المراسم بمعالم «الثقة» ويؤسس أركان «الخبرة» بإضاءات «التوجيه» ويؤصل أسس «المسيرة» بإمضاءات «الوجاهة».
في بلدة «القريتين» السورية ولد عام 1935 في مساء «شتوي» ملأ جنبات أسر «العقيلات» المهاجرة بأريج «البهجة» وبهيج «الفرحة» وانطلقت «مواويل» السرور في المنزل المتواضع الذي كان يقطنه والده الوجيه القصيمي سليل «العز» وأصيل «المنشأ».
وتفتحت عيناه على «أب» مغوار عمل في العسكرية مؤقتاً ثم امتهن التجارة وأم حنونة عطوفة سخرت وقتها لتربية أبنائها وإعانة زوجها على تجاوز مصاعب «السفر» و»متاعب» الاغتراب.
وعندما تشكلت «ذاكرة» الطفل الصغير في سن السابعة فجع باليتم الباكر إثر وفاة والده والذي غرس في ذاكرته ويلات «الألم المبكر» وتولى تربيته وإخوته خاله الطيب الوقور محمد المعجل وأكمل دراسته الابتدائية بنجاح في مدارس البلدة ثم توجه مع عائلته إلى «المدينة المنورة» حيث يقيم أعمامه آل الخريجي عبر رحلات برية متعاقبة مكتظة بالمخاطر.
وصل إلى طيبة الطيبة وهو ابن الاثني عشر ربيعاً وفي ذهنه «مواجع الأنين» و»مواضع الحنين» وتطيبت أنفاسه بنسائم الطهر المديني وتعتقت روحة بنفائس الجبر الديني وتعطر وجدانه بروحانية القيمة في جنبات المسجد النبوي وامتلأ قلبه بسكينة المقام في حياض الروضة الشريفة.
ركض مع إخوته وأقرانه وأبناء عمومته بين حارة الأغوات وسوق القماشية وحوش المرزوقي وباب المصري مشفوعاً بسمعة عائلته التجارية ومدفوعاً بسعة أسرته الاجتماعية وظل يقتنص من «سحن» العابرين ملامح «اللطف « ويتعلم من «محن» المعتبرين مطامح «الألفة» مولياً بوصلة «أحلامه» قبلة «العلوم» وموجهاً أمنياته «قبالة»المعارف».
واصل دراسته الثانوية بالمدينة المنورة واجتازها بتفوق ثم انتقل إلى محطة دراسية جديدة حيث رحل إلى مكة المكرمة للدراسة بمدرسة تحضير البعثات وفي أم القرى وما حولها تفتقت «ذهنية» الشاب وانعتقت من «الروتين» وبدأ يجول بين المكتبات باحثاً عن «إشباع» الغرور المعرفي وارتوى قلبه برياحين «التروحن» مع المشاعر المقدسة التي توشمت في خلايا جسده.
وفي عام 1954 تم ابتعاثه إلى مصر عبر بعثة دراسية وصال وجال بين ميادين «قاهرة المعز» منخطفاً إلى أبعاد حضارتها ووميض تطورها وعاش «محفوفاً» بالطيبات من أخلاق الفلاحين ومكارم البسطاء في الحقول العتيقة المجاورة لأحياء الدقي والجيزة والمكتظة بالصفاء والنقاء والوفاء.
تخرج عام 1958 ونال بكالوريوس آداب اللغة الإنجليزية وعاد إلى أرض الوطن وفي يمناه «شهادة» الاقتدار وفي يسراه «قبضة» الاعتبار.
وارتبط بالعمل الحكومي حيث عمل مفتشاً للغة الإنجليزية بوزارة المعارف على المرتبة الرابعة وارتفعت خبرته العملية جراء زيارات تفتيش ومتابعة ميدانية لعدد من الإدارات بالمناطق مما أثرى تجربته وصقل موهبته.
ترشح بعدها للعمل معيداً في كلية الآداب بجامعة الملك سعود ثم تم اختياره للابتعاث إلى جامعة ليدز ونال دبلوم الدراسات العليا في الأدب الإنجليزي عام 1961 وواصل دراسته وحصل منها على شهادة الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة نبراسكا عام 1964 ثم رجع إلى الوطن وفي حقيبته «مذكرات» الغربة و»حكايات» المعاناة وقصص من الزمن الجميل مع زملائه السعوديين آنذاك والذين كانوا يمثلون «النسخة الأصلية» التي لا تتكرر من العلم والخلق والكفاح.
وعاد لجامعته وعمل أستاذاً مساعداً في قسم اللغة الإنجليزية ثم اختير في عام 1968 للعمل في الديوان الملكي مترجماً للملك فيصل رحمه الله وترقى في مراتبه حتى تم تعيينه على منصب نائب رئيس المراسم الملكية، وهي الوظيفة التي ظل يشغلها حتى عام 2005 وترك خلفه «مشاعل» مضيئة من النبل و»قناديل» وقادة من الفضل وسط «اتفاق» على اسمه «الشهير» في موازين «العمل الحكومي» وصيته «الأشهر» في مضامين التخصص الاحترافي.
انتصر الخريجي لدوافع «الكتابة» فأخرج «منافع» التأليف في عدة إصدارات حيث أصدر عام 1996 كتاب ما لم تقله الوظيفة: صفحات من حياتي وفي عام 1998 ترجم كتاب (عبر الجزيرة على ظهر جمل) من تأليف براكلي رونكيير. وأصدر في العام نفسه رواية (دروس إضافية) ثم كتاب (كلام جرائد). عام 2006.
وفي عام 2008 أصدر كتاب (من زوايا الذاكرة) وهو الجزء الثاني المكمّل لسيرته. وفي عام 2017 طبع روايته (ساعة الصفر).
ارتبط الخريجي بعلاقات عميقة وارتباطات متعمقة على الجانبين الرسمي والشخصي مع أربعة ملوك وهم فيصل وخالد وفهد وعبد الله رحمهم الله كانت في مستوى «الارتباط» القيادي و«الترابط» العملي وكان فيها «الأمين» في شؤون «الرأي» و»المشورة» والمؤتمن في متون «العلا» و«المعالي».
ظل الخريجي لسنوات «الوجه» المألوف في سطوع «المنجز» و«الخفي» في صناعة «البروتوكول» و«إدارة» الحلول داخل أروقة «المراسم» وبين فصول «الاستقبال» وأمام نواصي «التوديع» وفي ثنايا «السرية» ووسط أعماق «الخصوصية» ليكون رجل دولة وعقل مرحلة بشهادة «الحياد» وريادة «السداد».
منصور الخريجي. مترجم الملوك وخبير المراسم صاحب «الرقم» الصعب في سجلات «المؤثرين» و«الناتج «المؤكد في معادلات «المتميزين».