صالحة الحربي
التنمر ظاهرة اجتماعية خطيرة تعاني منها أغلب المجتمعات، إذ تؤدي إلى كثير من المخاطر الجسدية والنفسية للأفراد، وتنعكس بأثر سلبي على سلوكهم ومستقبلهم وتصرفاتهم.
وهو سلوك عدواني مكتسب من البيئة التي ينشأ فيها الفرد، حيث يقوم فيها الطرف القوي بإيذاء الطرف الأضعف منهُ، نفسياً أو جسدياً أو جنسياً.
كما ويأخذ التنمر أشكالًا متعددة، وحسب البيئة وما يحدث فيها، كنشر بعض الإشاعات، أو التهديدات، أو مهاجمة الفرد المُتنمَّر عليه إما بدنيًا أو لفظيًا، أو عزله بقوة وإخفاؤه بقصد الإيذاء والتسلط والاستقواء أو حركات وأفعال تحدث بشكل غريب، لا ينتبه لها الا من كان واعياً ومدركاً ماذا يحدث.
التنمر ظاهرة اجتماعية تعم الأطفال والكبار ويعاني منها جميع طبقات المجتمع، فهي لا تختص بالصغار فقط أو الكبار فقط أو الفقراء، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وإنما ينشأ التنمر حسب البيئة، وهو سلوك سلبي مؤلم وكريه، يأتي بشكل متعمد، وأحيان متكرر، لذلك يجب ردعه واتخاذ الإجراء اللازم مع الشخص المتنمر، وتعريفه بقيمة نفسه حينما لا يستطيع السيطرة على سلوكه السيئ.
فالتنمر هو ظاهرة وسلوك مكتسب وليس وراثة، إما أن يكون الشخص ذا عصبية مفرطة، أو أنه يعيش في ظروف اجتماعية وتربوية سيئة، وقد يكون كذلك بسبب اضطرابات نفسية وسلوكية، أو بعض مشاهدة الأفلام التي تحتوي على مشاهد عنيفة وبدون رقابة تامة، وكذلك الغيرة والحقد وشعور الشخص بالنقص في شخصيته كل هذا يخلق من الشخص أحياناً شخصاً عدوانياً، ومتنمراً وخطراً على كل من حوله.
ومن الأماكن التي تنتشر فيها ظاهرة التنمر، المنزل أو المدرسة، أو بيئة العمل، صغاراً كانوا أو بالغين. ممارسة التنمر تأتي إما بصورة لفظية واستهزاء، وتخويف أو عدوانية جسدية، أو تجاهل، نظرات احتقار، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في من ساء خلقه (أثقل شيءٍ في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق، وإنّ الله ليبغض الفاحش البذيء)، أي بمعنى أنّ التنمر من الفواحش التي يمارسها الإنسان بحق الآخرين وإنّ الله يكره ويبغض السيئين والفاحشين وينبذهم.
ويأتي علاج هذه الظاهر بزرع القيم التي تساعد المتنمر في زيادة ثقته بنفسه وضبط تصرفاته وانفعالاته، وأن لا يتكلم إلا بالكلام الليّن والطيب فالكلمة الطيبة صدقة، وتثقيفه بأن هذا السلوك ليس شجاعةً أو إثبات شخصية قوية، وإنما خُلق سيئ يجب التخلص منه، ومحاولة الارتقاء إلى مستويات عالية من الأخلاق والكمال بالأفكار والأفعال، ومحاولة الوصول إلى إنسان ذي عقل كامل ولُبٍ راجح، وخُلق جوهري، كي يصبح مرغوباً بِه اجتماعياً ومحل ثقة عند الجميع وإنساناً بكل ما تحتويه الكلمة أينما تواجد في البيئات المختلفة.