د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
جمعية بنيان الخيرية للإسكان نهر عطاءات تتهادى الإنسانية بين ضفتيه فتزرع أطايب البهجة وأعلاها في إهاب المجتمعات! وتأتي «بنيان» لبيئات الناس متوشحة رداءها الوثير فتصوغ إستراتيجية عملاقة لدعم جودة الحياة عندما يداهم بعض الأسر الجدب ويأتي على سكينتهم اليباس! فتمنحهم «بنيان» وثيقة استقلالهم في الحياة وحتماً يصبحون قادرين على مسايفتها متى ما طارحتهم النزال! ولقد شهدتُ في جمعية بنيان الخيرية للإسكان بواعث ألهمتني الحديث عن شموخ الهدف، وسمو المقصد، حيث كانت زيارتي للجمعية تلبية لدعوة بمناسبة اليوم العالمي للعمل الخيري بلقاء فاخر بعنوان (طريقك الأقرب للخير) في مساء الأربعاء الموافق السادس من شهر سبتمبر الجاري 2023، حيث كان اللقاء محطة واقع جميل رأيتُه واطلعتُ على جملة من مكارمه، وشهدتُ تمرّكزه حول صناعة الاستقرار الإنساني لشريحة من الناس لتورق في وجدان ذي الحاجة منهم أزاهير الحياة فقد صهرتْ «بنيان» في مستهدفاتها السكانية أفكاراً من بوتقة أحاسيس المجتمع وزخرت بصور ودلالات وكأنها من زخات الغيث فوق حقول منسية؛ فتحولتْ الأحلام إلى لغة ممهورة؛ وهكذا هي رحلة جمعية بنيان الخيرية للإسكان تتدرع بأهداف محفزة؛ فتتنامى الفرص عندما تتاح فضاءات الرحلة لمسافات من الحراك في جميع مناطق بلادنا الشاسعة فأصبحتْ جمعية بنيان صديقة السهل والجبل والوادي والمرتبعات الرعوية والزراعية والحواضر وفي أرجاء بلادنا كلها ويصبح تشكيل التصور الجميل الذي ينمو ضمن الإطار الإنساني الودود الذي عشقته بعض شخصيات المجتمع وعشقها؛ فارتدتْ وشاحه بعزيمة وهمة، وعندما يشب ذلك الإطار عن الطوق، وتضاء فيه الأنوار الكاشفة؛ فثمة خيرات حسان بفضل من الله سبحانه وتعالى فتنوعتْ أنماط المستهدفين في «بنيان» بمسميات مختلفة رموزًا للوصول إلى وجدان الناس، فهناك في برامج الإسكان تمليك مباشر؛ والإيجار المنتهي بالتمليك، والقرض الحسن بدون فوائد وبرنامج ترميم المساكن والبناء على الأراضي المملوكة لأفراد يعجزون عن بنائها من مستفيدي الضمان ومن في حكمهم؛ وصهرتْ «بنيان» في نشاطاتها السكانية أفكارًا من بوتقة أحاسيس المجتمع المحلي، وزخرت مناشطها بصور ودلالات حوّلت الأحلام إلى لغة ممهورة تصوّر الاستقرار السكني عقلاً وروحاً حتى اقتربت تلك المناشط من المستويات النموذجية، وأصبحت أهداف «بنيان» مِجَسات تقود إلى جذور الإنسانية، فهي فكرة مثالية لتأثيرها وعلانها الواضح عن الانتماء المحلي المنطلق من الدين ثم الهوية الوطنية التي تبلورت في رؤية بلادنا العميقة 2030 ولعلي أكون على حق عندما أقول: إن خطاب الاستقرار السكني في جمعية «بنيان» خطاب وطني رُصف بحرفنة عالية؛ ليكون حبلاً قويًا تتكئ عليه كثير من مقاصد اللحمة الوطنية في مواجهة التشعب والتيه ولقد نجحت أهداف الجمعية في ذلك، ونال خطابها المجتمعي مركزًا متقدمًا في بناء وشائج الوطن؛ وتحقيق التوازن داخل المجتمع والبناء الأسري السوي والمستديم.
وبلا شك فإن جمعية بنيان الخيرية للإسكان تقود جزءًا كبيرًا من المسؤولية الوطنية من خلال تتبعها لهدير المجتمع، وحاجته إلى الاستقرار السكني، وتعزيز فرص الاستثمار في مساكن الجمعية لتحقيق مستهدفات الجمعية بشكل متوازن مفيد..
وتلك الجمعية استبدلت واقع كثير من المجتمعات المحلية في بلادنا فقد بلورت جوهر الخير في نفوس كثير من المتطوعين والمتطوعات فأقبلوا إلى مراقي العرض والمشاهدة، فكان للجمعية رؤية تتمثَّل في «الريادة في التنمية المستدامة للأسر المستحقة، وتمكينها من الاستقرار السكني والاقتصادي» ورسالة سامية تنطلق من «التَّميز في توفير المسكن الملائم للأسر المستحقة، والارتقاء بها على كافة المستويات التنموية. وتحويلها إلى أسر مستقلة، ماديًا ومنتجة في محيطها الاجتماعي» كما أن للجمعية أهدافاً ومهام وآليات عمل، ونظاماً داخلياً ذا صفة رسمية وفق منطلقات النظام الذي صنعته جهات الاختصاص وهدفها الأسمى هو الوصول إلى محطات الاكتفاء الذاتي، وهو ما يسمونه في منهجهم «إغلاق الملف» ولكن ذلك الإغلاق يحمل في نفوس أصحابه قمة التواشج الإِنساني ليحقق معادلة الإنسانية وحياة الناس!