بين رسومات اللوحات المدرسية وشغف حصة التربية الفنية في المدرسة، يجد شيئاً يجذبه، يبحث عن ذاته فيه، بين خطوط القلم المبعثرة وتلك الألوان الزاهية التي تخرج ما بداخله، ليجد ذاك الشغف قد انتقل وبدأ بتزايد، هنا نتحدث عن الموهبة التي ولدت معه لتكون رفيقة دربه وأنيس حياته الدائم.
مثل جلّ الفنانين كانت بدايات اكتشاف موهبته، في سني دراسته الأولى، لكن شغف هذه الموهبة كان له أثر أكبر ووقع أشد، حتى استمر في دراسته بذات الاختصاص ليتخرج بدرجة البكالوريوس في التربية الفنية ويجذبه فن الكاريكاتير، فكان تأثير علي الخرجي ومحمد الخنيفر كبيراً على عبيد البراك منذ الطفولة من خلال تلك الرسومات الإبداعية ومحاولته نقلها ومحاكاتها، تناولها لمواضيع الحياة اليومية، معالجة المشاكل الواقعية من خلالها، ملامستها لما يعيشه، جعله يتجه لذلك ويسخّر موهبته الفنية إلى رسومات الكاريكاتير.
يقول عن بداياته في الكاريكاتير: (كان والدي رحمه الله يأتي بصحيفتي الجزيرة والرياض إلى المنزل وأنتظره إلى أن يفرغ من قراءتها لآخذها بعد ذلك وأتابع رسومات رواد فن الكاريكاتير في المملكة الفنان علي الخرجي والفنان محمد الخنيفر وأحاول نقلها ومحاكاتها وذلك عندما كنت في الخامس الابتدائي، واستمر ذلك معي في المرحلة المتوسطة إلى أن بدأت بابتكار شخصيات خاصة بي مع بداية مرحلة الثانوي، وفي المرحلة الجامعية بدأت في الاحتراف حيث أعلنت مسابقة عن فن الكاريكاتير وشاركت فيها وحصدت المركز الأول لتكون هذه المسابقة هي نقطة تحول في حياتي الفنية حيث تم تعييني بعدها كرسام في صحيفة رسالة الكلية والتي كانت تصدر في (18) كلية من كليات المعلمين آنذاك واستمريت على فن الكاريكاتير حتى أقمت معرضي الأول لفن الكاريكاتير في محافظة الخرج عام 2005م واستمريت من خلال معارض مهرجان الجنادرية وتنفيذ العديد من الورش).
بعد (15) عاماً من الكاريكاتير وفي إحدى الورش أخذ لوحة (كانفس) وألوان أكريلك من باب الفضول ليبدأ برسم لوحة تشكيلية بوجود عدد من الفنانين التشكيليين وأثناء رسمه لهذه اللوحة قال له الفنان التشكيلي سعد الملحم: (أنت في داخلك فنان.. حاول تطلعه) وكان لهذه الكلمة أثرٌ كبير على عبيد البراك ليكرر المحاولة لعدة مرات إلى أن وجد نفسه وهو ينتج لوحة بأسلوب خاص به وطريقة مختلفة عن الفنانين الآخرين ويجد بهذه اللحظة الفنان المتواري بداخله ليخرج إلى الملأ ويعلن بداية المرحلة التشكيلية لدى عبيد البرّاك.
استطاع عبيد البراك إيجاد أسلوب خاص به ببصمة وهوية مميزة تنوعت بين التجريد والتأثير لينتج أعمالاً تحمل شخصيته وتميزه عن غيره ليعرفها المتلقي بمجرد النظر إليها أنها من أعمال عبيد البراك.
يذكر عبيد البراك أن الاحتكاك والورش المشتركة أعطته الكثير من الخبرات وكرم وعطاء الزملاء التشكيليين جعله يتعلم أكثر بوقت أقصر ليلحق بموكبهم ويكون منهم بفترة قصيرة وذلك بسبب امتلاكه للموهبة والأسس الفنية وممارسته لفن الكاريكاتير الذي أعطاه خبرة كبيرة في الرسم والنسب والتفاصيل.
بحث كثيراً بما يخص الفن التشكيلي ومدارسه وتعلم الكثير واطلع على الفنون التشكيلية المحلية والعالمية مما ساهم في تطوير عمله وأسلوبه الفني.
تتميز لوحات البراك بألوانه الهادئة المريحة والتي غالباً ما نجد بروز اللون الأزرق وتدرجاته واللون الأصفر الهادئ فيها وهذا ما يعطي انطباعاً عن الهدوء الذي يتمتع به حيث رسم البراك المرأة والتراث والبحر وغيرها من الموضوعات التي تلامس فكره وإحساسه كفنان وأخرج من خلالها الكثير من الأعمال المميزة التي انتشرت في العديد من المعارض التشكيلية الجماعية المهمة داخل وخارج المملكة ولعل مشاركة أحد أعماله في مؤتمر دافوس في سويسرا من المشاركات الهامة في تاريخه الفني.
عبيد بن سليمان البراك هو فنان تشكيلي سعودي حاصل على درجة البكالوريوس في التربية الفنية من كلية المعلمين بالرياض، يعمل مشرفاً تربوياً ورئيس شعبة التربية الفنية في تعليم الخرج، مدير فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية في الخرج، شارك في العديد من المعارض التشكيلية الجماعية في مهرجان الجنادرية وفي الجمعية السعودية للفنون التشكيلية والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون وبيوت الشباب ومعهد مسك للفنون ومعارض الملتقى التشكيلي وغيرها من المعارض الأخرى كما شارك في معرض فناني الخرج بقصر المفتاحة في أبها وشارك أيضاً بمعرض فناني الخرج في صالة الأمير فيصل بن فهد عام 1430هـ وشارك في معرض رؤى إبداعية بمحافظة جدة، قدم الكثير من الدورات التدريبية والورش الفنية، أشرف على المعرض الجماعي المشترك بين فناني الملتقى التشكيلي (بإشراف الفنان الراحل سعد العبيّد رحمه الله) وفناني محافظة الخرج الذي أقيم في جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز في محافظة الخرج، حكم العديد من المسابقات التشكيلية.
تم اقتناء أعماله من العديد من الجهات ومنها معهد مسك للفنون والصندوق الصناعي بالرياض وإدارة تعليم الخرج والعديد من الجالريات الخاصة والمقتنيات الفردية.
** **
- إعداد/ عبدالله عبدالرحمن الخفاجي
إكس (تويتر): AL_KHAFAJII