د. محمد بن أحمد غروي
قبيل انعقاد قمة العشرين في نيودلهي، كانت النظرة المتشائمة تسود الموقف لاعتبارات عديدة أهمها محاولة بريكس خطف أضواء مجموعة العشرين، وعدم حضور الرئيس الصيني وعدم التوافقية بين دول المجموعة في ملفات عديدة، من أهمها الأزمة الروسية الأوكرانية إلا أن الهند سعت أن تمسك العصا من المنتصف مقدمة نفسها كدولة لاعبة في الساحة الدولية، بشكل غير مسبوق داعيًا دولًا عربية وخليجية ونامية.
فعليًّا المملكة العربية السعودية تسبق الزمن، فالإعلان الذي تبنته القمة والقرارات العديدة التي وافق عليها زعماء المجموعة امتداداً لقمة الرياض الافتراضية التي كانت في وقت مر العالم فيه بأزمة غيرة مسبوقة، كأزمة الغذاء وإعادة هيكلة الديون المطالبة بإصلاح العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية، وقضايا المناخ، وغيرها، كما أن مؤشرات الأداء للمجموعة تقدمت عليها السعودية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
الأحداث في أهم قمة اقتصادية عالمية كثيرة، لكن انضمام الاتحاد الإفريقي بعضوية دائمة وإعادة هيكلة ديون الدول الفقيرة والممر الاقتصادي الذي أعلنه سمو ولي العهد من أهم ما تمخضت عنه قمة مجموعة العشرين.
الممر الاقتصادي الذي وقعته وتعهدت به المملكة والإمارات والهند والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، بالعمل معًا لإنشاء الممر يربط الهند بأوروبا مرورًا بالسعودية، والذي سيسهم في تطوير وتأهيل البنى التحتية المشتملة على السكك الحديدية، وربط الموانئ بعضها ببعض، مما يسهم في زيادة وتسريع مرور السلع والخدمات، وتعزيز التبادل التجاري بين الدول وتأمين الطاقة والتخفيف من تحديات التغير المناخي.
من خلال متابعتي لوسائل الإعلام الهندية خلال مشاركتي في قمة مجموعة العشرين المنعقدة في نيودلهي، من أن جل التغطية الإعلامية والتحليلات التي تزامنت مع القمة كانت عن الممر الذي وصف بالتاريخي المتماشي مع شعار الهندي «صنع في الهند»، كما أن الحضور السعودي كان قويًّا ومشاركة الإعلاميين السعوديين في الوسائل الإعلامية المختلفة في القمة، هو جزء مهم أيضًا من دورنا كإعلاميين للتعريف بالصورة الحقيقية عن المملكة، كما أن واحة الإعلام المشروع الوليد الذي بدأته وزارة الإعلام وشاركت به في القمة يهدف إلى تغيير مفهوم التغطية الإعلامية للمشاركات السعودية خارجيًّا والفعاليات والمناسبات الوطنية؛ لتعزيز الصورة الذهنية والتعريف بالمنجزات السعودية العالمية، وربط الإعلاميين ببعضهم البعض والمشاريع المستدامة التي تقدمها الوزارات والهيئات والقطاعات في كافة أرجاء الوطن.
تأتي زيارة سمو ولي العهد لجمهورية الهند بعد مشاركته -حفظه الله- في اجتماع دول مجموعة العشرين الذي استضافته الهند، حيث قدمت المملكة دعماً ملموساً لأولويات أجندة الرئاسة الهندية، وحققت مستوى التزام عاليًّا بتنفيذ ماتم الاتفاق عليه من تعهدات في مختلف مجموعات العمل إلى رفع مستوى العلاقات إلى آفاق أرحب.