رقية نبيل
لماذا حين يتزوج اثنان يحدث هذا الصراع الأولي في مقتبل حياتهما معًا، لماذا يبدو وكأن هناك ثورة ظاهرة أو مكبوتة تمر في نفسي الصاحبين الجديدين؟
كل خطوة تعني معاناة جمة..
كل قرار قد يحمل التنازع والتشتت..
كل منعطف يبدو غامضًا مجهولاً، وتقريبًا دائمًا محفوفًا بالمخاطر مرصّعًا بالأشواك منذرًا بالخيبات وكثير الألم.
في الوقت نفسه ومع مرور السنوات الطوال حينما تزور أختك التي انتقلت لبيت الزوجية منذ عقد من الزمان مثلاً لابد وأنك بملاحظتها! هذه الهالة التي تحيط بهما وهما معًا، وكأن حجابًا حاجزًا يلفهما ولا يملك مفتاحه سواهما، هذا التشابه الذي صار يطبع وجه كل منهما، هذه «الأحادية» في الأفعال والعادات التي بهتت عليهما وذريتهما.
ما أراه هو أنه حين يتزوج اثنان يُصهران مع الزمن في بوتقة واحدة لكأنك تخيط العصب بالعصب وتهرق الدم في الدم وتمزج اللحم باللحم، نعم إنه إنسان جديد يُخلق ويقوم مقام الجسدين اللذين كاناه من قبله، ولأن كل ولادة ولابد أن تكون جدًا عسيرة شاقة ومرهقة وشبه مستحيلة يحدث هذا الشقاق الذي يكون في البداية، إن التربة التي سيرعيانها فيها أشجارهما قاحلة ومجدبة وتحتاج إلى كثير من السقيا وجلّ العناية والاهتمام والرعاية والتعاهد، ولا يكون هذا قط من جانب واحد من التربة دون غيرها وإلا نبتت الشجرة شائهة، نبتتْ معوجّة يميل أحد شقيها على الشق الآخر مثقلًا إياه ومحملًا له فوق طاقته.
وهذا الخلق الجديد في جسد واحد وروح واحدة لا يعني قط أن تُدفع يدٌ دون الأخرى، أو أن يصل طموح ويذوي آخر، أو أن يُحقق حلمٌ ويحتضر صاحبه، إنها أرض رحبة، كل الممكنات فيها مُذلّلة، كل الأحلام قد تجد أصحابها، كل القلوب تستطيع أن تُمسي مجبورة، فقط بشيء من الود والتفاهم والصبر الطويل الذي لابد له ألا يجفّ قط.