عطية محمد عطية عقيلان
قلِّل ودلِّل...!!
إذا كان لديك خياران إما الكثرة بس نوعيتها دون المتوسط، أو قلة من النوعية المميزة؟ أؤمن أن أفضل خيار هو القلة المميزة، سواء على مستوى ما تملك من أشياء مادية أو معنوية، أو على مستوى نوعية الطعام، أو الأصدقاء والزملاء والشلة، وأفضل مثال على ضرر الكثرة، ذلك هو القول الشهير «كثرة الطباخين تفسد الطبخة»، ويقول الفيلسوف اليوناني أرسطو «ترياق الخمسين عدواً، صديق واحد»، ويقول أيضاً «صديق الكل ليس صديقاً لأحد»، فهي نصيحة لنا لنبحث عن الأفضل والأصدق والأطيب دون، اهتمام بالكثرة، فقليل طيب أفضل من كثير رديء، ولا تغتر بالكثرة، فكما يُقال:
ما أكثر الأصحاب حين تعدهم ولكن عند النائبات قليل
فقلِّل من الأول وريح نفسك.
حلطمة...
البعض يجيد فن نقل الأخبار السيئة بحرفية عالية، وهي في الغالب لا تعنيك أو مجتمعك أو حتى قارتك التي تسكنها، ولكنها حتماً تؤذيك بمأساتها الإنسانية، سواء كانت إعصار في القطب الشمالي أو وباء في غابات الأمازون، أو عاصفة رملية على سطح القمر، وستصل «الحلطمة» لديه قمتها عند مصادفته لحادث أو عارض طبي أو مشكلة عائلية أو حتى تعطل سيارته، فحتماً ستسمعها بكامل تفاصيلها المؤلمة والمؤذية، مهما حاولت أن تتجاهله، يقول الأديب أحمد خالد توفيق «أكره المريض، والصديق الذي لا يخبرك إلا بالأخبار السيئة، يقول لك إن الحمى قد عادت.. إذن فقد كانت ذهبت، لماذا لم تقل لي»، وطبع البعض الشكوى والتحلطم ظناً أنها ستحميه من العين والحسد، متناسياً أنه يتحول إلى شخصية منبوذة تستوجب قدر الإمكان الابتعاد عنها، وترك مسافة آمنة سواء أيام أو أسابيع حتى لا تصبح ضحية انفجار مشاكله في وجهك فهو لا يقل عن شاحنة النفط سريعة الاشتعال بمن حولها.
شين وقوي عين...!
أظهرت وسائل التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة فن «الكوميديا السوداء»، لأشخاص يعملون في الإعلام منذ سنوات خلت، لم يردعهم سنهم وأنهم بلغوا من العمر عتياً، لمواصلة الكذب والخداع والتضليل، بحثاً عن الانتشار وتحقيق مشاهدات، حتى لو كانت أخبارهم كذباً وافتراءً، ما دام حققوا ما يطمحون له من «الترند» ومواصلة التواجد كمؤثّرين، لا يردعهم كمية السخرية والتعليق على كذبهم، أو قفشاتهم التي يعتقدون أنها مضحكة، وهي مزيد من العبث في تاريخهم المزيف الذي كان يستره وينفع معه الإنكار، ليقعوا في جيل ومنصات وتقنية، تحفظ كل شيء بالصوت والصورة، ويظهره لك وكأنك تتفرج على دمية مهرجة أقرب إلى الكوميديا السوداء بكل تجلياتها، وهي إنذار لهم بأن عليهم الاعتزال أسوة باللاعبين والإيمان بأن التطور حتمي في نهايتهم ولن يستطيعوا الاستمرار في خداع الجماهير.
سنة الحياة...!
أبيات من قصيدة لبيد بن ربيعة «بلينا وما تبلى النجوم الطوالع»:
أَتَجزَعُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ بِالفَتى
وَأَيُّ كَريمٍ لَم تُصِبهُ القَوارِعُ
لَعَمرُكَ ما تَدري الضَوارِبُ بِالحَصى
وَلا زاجِراتُ الطَيرِ ما اللَهُ صانِعُ
سَلوهُنَّ إِن كَذَّبتُموني مَتى الفَتى
يَذوقُ المَنايا أَو مَتى الغَيثُ واقِعُ