م. بدر بن ناصر الحمدان
قد يبدو ما سنتحدث عنه هنا «رأياً تعسفياً» لكن في الواقع هي حقيقة لم يعد من الممكن تجاهلها خاصة في مناخ التنافس الحضري الذي تعيشه البيئة العمرانية حالياً على مستوى مناطق المملكة والممنهج وفق معايير تنموية بالاعتماد على الميز التنافسية والنسبية التي عادة ما تؤهل المدن للبقاء في قائمة المنافسة.
بعض المدن لاسيما الثانوية - المتوسطة والصغيرة - أقرب إلى ما تكون «ميتة دماغياً، ومساهمتها في الناتج العمراني المحلي أقرب إلى «الصفر»، وباتت تشكل عبأ كبيراً على أجهزة التنمية خاصة تلك التي تتسم بخلوها من السكان أو بسكان مؤقتون لا تمثّل مقرّهم الدائم، وعلى الرغم من ذلك تحتل مساحة من أولويات النمو وسلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية العمرانية على حساب مدن أخرى أكثر حاجة في خارطة الموجهات التنموية.
نظرية الأماكن المركزية للألماني «والتر كريستالر» 1933م، على الرغم من تقادمها وعدم شموليتها إلا أنني ما زلت أرى أنها من أكثر نظريات التخطيط الإقليمي فهماً لتدرج التجمعات العمرانية في تشكل معايير الخدمات وكذلك المحافظة على مستوى هرمية النظام الحضري على مستوى الأقاليم المرتبطة بالمدن المركزية، ويمكن التعامل معها كمرجعية للتعامل مع تحجيم خدمات بعض المدن نظير ضعف إنتاجيتها.
كمتخصص في التخطيط العمراني وإدارة المدن أتفهم تماماً «البُعد الإنساني» و»البعد الرمزي» أو «البعد التاريخي» لسكان هذه المدن غير المُنتجة والمؤهلة بالسكان والتي يجب أن تحتفظ بها كحق مادي وغير مادي، من خلال حلول «رمزية» أيضاً بتوفير الحد الأدنى من التنمية ومقومات الحياة وبما يكفل عيش كريم لقاطنيها دون الإفراط في تنميتها، أما المدن ذات السكان الوهميون والتي لا تحمل أية قيمة تاريخية أو عمرانية أو ثقافية فأعتقد أن معالجتها تنموياً سيكون أقرب إلى إلغائها تماماً وحذفها من قائمة التجمعات العمرانية وربما طمرها تحت الأرض.