محمد سليمان العنقري
التنمية الحضرية دائماً ما تمثل بوابة رئيسية لأي نهضة اقتصادية ويلعب القطاع البلدي دوراً محورياً أساسياً للوصول للمستهدفات المنشودة بتطور المدن عمرانياً وتنظيمياً وبيئياً وصحياً والمملكة جهودها ضخمة وبارزة في مجال تطور المدن واعتبارها هي ركيزة النمو الاقتصادي لما لذلك من جوانب عديدة مثل احتضان المشاريع وجذب الاستثمارات واضفاء الحيوية والصحة على المجتمع مما يسهم برفع مستوى أنسنة المدن وجودة الحياة فيها ومن بين أهم ما يقوم به القطاع البلدي هو الأعمال الرقابية حيث تبذل جهوداً كبيرة في تطوير آليات وسياسات العمل الرقابي البلدي وذلك بهدف الارتقاء بجودة الأعمال للخدمات البلدية بالاضافة لزيادة الوعي باللوائح والاشتراطات للوصول لهدف زيادة نسب امتثال أصحاب المنشآت والمحلات التجارية بالاشتراطات البلدية تعزيزاً للصحة العامة مما يساعد بشكل كبير بتعزيز الثقة في الخدمات المقدمة من المنشآت لزيادة قاعدة العملاء وكسب رضاهم دائماً فمن أهداف رؤية القطاع البلدي هو أن تكون الخدمات المقدمة للسكان بأفضل المعايير مما يسهم بزيادة النشاط الاقتصادي.
فقبل أيام نشر خبر لافت حول قيام الجهة الرقابية بأمانة محافظة جدة بمصادرة أكثر من 524 طناً من الخضار والفاكهة غير صالحة للاستهلاك في مواقع وأحياء متفرقة والواقع هو ليس بالخبر الأول الذي ينشر عن جهود أمانة جدة فهناك العديد من المخالفات التي طبقتها والمواد الغذائية التي تمت مصادرتها لعدم صلاحيتها للاستخدام الأدمي بخلاف الرقابة على تعديات المباني وغيرها من المهام الرقابية التي تنفذ على مدار اليوم سعياً لتحقيق الامتثال من قبل مقدمي الخدمات فجدة بوابة رئيسية لمنطقة المشاعر المقدسة وهي مدينة ذات ثقل ودور اقتصادي مهم وكبير بالمملكة بحكم الموقع الاستراتيجي لها على البحر الاحمر ووجود مينائها التجاري الضخم وعدد سكانها الذي يفوق الأربعة ملايين نسمة بخلاف الزوار الذين يفدون لها يومياً بأعداد كبيرة مما وفر مجالاً لفرص استثمارية واسعة بمجال الخدمات خصوصا المطاعم والخدمات الغذائية بشكل عام ولذلك فإن حجم الأعمال الرقابية يعد كبيراً في جدة وهو ما سعت الأمانة للارتقاء به لأفضل المعايير حيث تقوم بأعمالها الرقابية وفق آليات وضوابط محددة عند تنفيذ الزيارات الرقابية إذ تتم الأعمال الرقابية على نحو منظم « حيث يتم إسناد هذه الزيارات للمراقبين بشكل إلكتروني، ليقوم المراقب الميداني بتسجيل الملاحظات، ومن ثم الرفع بها لفريق متخصص لمراجعة الزيارات واعتمادها، وإبلاغ صاحب المنشأة بتقرير عن الزيارة من خلال الرسائل النصية المدعمة بالصور قبل تطبيق العقوبة، فيما يحق لصاحب المنشأة الاطلاع على تفاصيل الزيارة وإبداء ملاحظاته والرفع بها للجهات الرقابية قبل تطبيق العقوبة» وهو ما يوضح أن عمليات الرقابة وإيقاع المخالفات هدفها تطوير الخدمات وليس فقط البحث عن المخالفة فلا يتم إيقاع مخالفة إلا بتواصل مع صاحب المنشأة ومنحه كامل الحق للاعتراض.
فقد أطلقت قبل عدة سنوات مبادرة «إجادة» والتي تهدف لتجويد أعمال الرقابة والتفتيش وتحسين التزام أصحاب المنشآت الغذائية والتجارية ومنشآت الصحة العامة بالاشتراطات البلدية ومن بين ركائزها حوكمة الاعمال الرقابية والتفتيشية لرفع التزام المنشآت الغذائية والتجارية ومنشآت الصحة العامة بالضوابط والاشتراطات النظامية وتطوير آليات العمل الرقابي البلدي وفق أفضل المعايير المهنية والتقنيات الحديثة لتحسين رضا المستفيدين وزيادة وعي أصحاب المنشآت والمحلات التجارية باللوائح والاشتراطات مما يسهم بتعزيز ثقة المجتمع المحلي في الخدمات المقدمة من المنشآت فالعمل الرقابي يتم عبر توثيق لكل مخالفة ترصد وإرسالها للمنشأة وبعدها تتم باقي الإجراءات حسب اللوائح والتي قدمت الكثير من البرامج التوعوية بشكل دائم لأصحاب المنشآت، فلا يتم فرض المخالفات والغرامات بدون إنذار مسبق أو تنبيه أصحاب المنشآت التجارية كما يتم التعامل بكل تجاوب وشفافية مع شكاوى أصحاب هذه المنشآت من المخالفات، كما أن المبادرة تحرص دائماً على تطوير مهارات المراقبين وتدريبهم لتطوير العمل الرقابي.
العمل الرقابي مسؤولية كبيرة ورئيسة في القطاع البلدي وتعد صمام أمان لصحة المجتمع وحفظ حقوق المستهلك بالاضافة لمساعدة المنشآت على كسب ثقة عملائها والمنافسة على الجودة والرقي بالخدمات والقطاع البلدي عموماً وفي أمانة جدة تظهر جهودهم الرقابية الكبيرة في هذا الميدان لكن أيضا لا بد من تعاون المجتمع معهم من خلال الالتزام بالتعليمات والاشتراطات البلدية وأيضاً الإبلاغ عن أي مخالفة فهذه الأعمال الرقابية المستفيد الأكبر منها المجتمع ولذلك فإن الشراكة والتعاون مع الأمانة يلعب دوراً مهماً في الوصول لأفضل الخدمات ومواكبة النهضة التي تعيشها المملكة وتهدف لمضاعفة حجم النشاط الاقتصادي ورفع مستوى جودة الخدمات والصحة العامة.