واس - الرياض:
دأبت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها على تبني قرارات اقتصادية معتدلة، أسهمت في نمو النظام المصرفي السعودي بشكل متوازن، وجعلها بذلك أحد الأعضاء المهمين في قمة مجموعة العشرين (G20). ولمشاركات المملكة في قمة مجموعة العشرين (G20) تاريخ حافل حيث تأتي تأكيداً على مكانها في المحفل الاقتصادي الدولي، والتزامها بالاستمرار في أداء دور فاعل وإيجابي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، ولدورها في صياغة نظام اقتصادي عالمي يحقق نموّاً اقتصادياً عالمياً متوازناً ومستداماً يحافظ على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية.
ورأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - وفد المملكة في أول اجتماع لقادة مجموعة العشرين المنعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن عام 2008م. وصدر عن اجتماع القمة بيان (قمة الأسواق المالية والاقتصاد العالمي) أعرب فيه القادة عن التصميم على تعزيز التعاون والعمل معاً لتحقيق الإصلاحات التي يحتاج إليها النظام المالي العالمي، مشيراً البيان إلى أن دول المجموعة اتخذت إجراءات عاجلة واستثنائية لدعم الاقتصاد العالمي واستقرار الأسواق المالية، ويجب أن تستمر هذه الجهود، كما يجب وضع أساس للإصلاح لضمان عدم تكرار حدوث أزمة مالية. وجاء في البيان أن قادة مجموعة العشرين متنبهون لتأثير الأزمة المالية على الدول النامية وخاصة الدول الأكثر تعرضاً لها، مؤكدين أهمية أهداف الألفية للتنمية والالتزام بمساعدات التنمية للدول النامية. كما تضمن البيان خطة عمل لتنفيذ ما اتفق عليه قادة مجموعة العشرين وتعزيز الإجراءات الرقابية وإجراءات إدارة المخاطر وترقية النزاهة والشفافية في الأسواق المالية وتعزيز التعاون الدولي في هذه المجالات إلى جانب وضع إصلاحات جديدة لتعزيز أداء المؤسسات المالية الدولية.
وفي شهر إبريل من عام 2009م، رأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - وفد المملكة في قمة مجموعة العشرين المقامة في العاصمة البريطانية لندن، وناب عنه في الجلسة الافتتاحية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية - رحمه الله -. وناقشت القمة عدداً من المقترحات والإجراءات التي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد العالمي وتحسين مسار الاقتصادات الدولية وتخفيض حدة الركود والانكماش الاقتصاديين وتنشيط عمليات الإقراض لتوفير المصادر المالية للأفراد والعائلات والشركات ودعم مسيرة الاستثمار المستقبلي علاوة على إصلاح الفجوات في المؤسسات الدولية ومناقشة مقترح إنشاء نظام دولي للإنذار المبكر بشأن الوضع الاقتصادي والمالي الدولي.
وأقر ملوك ورؤساء حكومات عشرين دولة مهمة في العالم إنشاء مجلس للاستقرار المالي العالمي مع آليات تعزز مهمته في التعاون البنّاء مع صندوق النقد الدولي لتوفير آلية للإنذار المبكر حول المخاطر الاقتصادية والمالية مع توفير آليات للتصدي لمثل هذه المخاطر. وأكد البيان الختامي لقادة الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة المنضوية تحت لواء مجموعة العشرين أهمية اتخاذ إجراءات لإعادة تشكيل الأجهزة المالية التنظيمية حتى تتمكن السلطات المعنية من تحديد ماهية المخاطر المالية والاقتصادية في الوقت المناسب.
وبمشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، عقد قادة دول مجموعة العشرين قمتهم الاقتصادية في مدينة تورنتو الكندية خلال شهر يونيو من عام 2010م. وفي القمة التي عقدت في مدينة لوس كابوس في المكسيك عام 2012م، رأس وفد المملكة معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين. واستعرض القادة مستجدات الاقتصاد العالمي، وإطار النمو القوي والمتوازن والمستدام، وتعزيز البنية المالية الدولية، والنظام المالي العالمي، وتعزيز الحوكمة المالية العالمية.
روسيا 2013م
بحثت قمة مجموعة العشرين في روسيا عام 2013م، مستجدات الاقتصاد العالمي، وإطار النمو القوي والمتوازن والمستدام، وتقوية المصادر المالية العالمية. ورأس معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، وفد المملكة، في القمة التي تناولت مستجدات الاقتصاد العالمي، وإطار النمو القوي والمتوازن والمستدام، وتقوية المصادر المالية العالمية، وموضوعات تتصل بالبيئة والأمن الغذائي العالمي، ودور التجارة بوصفها مصدراً لإيجاد الوظائف. وتعهد زعماء مجموعة العشرين في بيان القمة الختامي بمساعدة الدول الناشئة في مكافحة التهرب الضريبي. وأيدت مجموعة العشرين خلال القمة خطة عمل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الخاصة بالتصدي لتهرب الشركات من الضرائب التي أعلنت خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في موسكو.
وفي مدينة برزبين الأسترالية، عُقدت قمت مجموعة العشرين عام 2014م، ورأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، وفد المملكة، مؤكداً - أيده الله - حرص المملكة على تعزيز دورها الفاعل في مجموعة العشرين، واهتمام المملكة بما يطرح في إطارها من قضايا حرصاً منها على نمو الاقتصاد العالمي واستقراره وبما يحقق مصالح الجميع.
وشهدت تركيا انعقاد قمة مجموعة العشرين عام 2015م، ورأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، وفد المملكة، مؤكداً في كلمته أمام القمة ضرورةِ مُضاعفةِ المُجتمعِ الدولي لجهودهِ لاجتثاثِ آفةِ الإرهاب الخطيرةِ ولتخليصِ العالمِ مِن شُرورها التي تُهدِّدُ السِلم والأمن العالميينِ. ورأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وفد المملكة المشارك في قمة قادة دول مجموعة العشرين بالصين عام 2016م، والتقى سموه على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين كلاً من فخامة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، ودولة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، ومعالي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ودولة رئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي، وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية. وجرى خلال الاجتماعات استعراض العلاقات الثنائية بين المملكة وجمهورية إندونيسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الهند وجمهورية روسيا الاتحادية.
وخلال قمة قادة مجموعة العشرين (G20) التي استضافتها مدينة هامبورغ شمالي جمهورية ألمانيا الاتحادية عام 2017م، تحت عنوان «نحو بناء عالم متواصل»، أكدت المملكة العربية السعودية أن الإرهاب لا دين له وهو جريمة تستهدف العالم أجمع لا تفرق بين الأديان والأعراق، وأنها تدين الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره إدانة مستمرة وقاطعة أياً كان مرتكبوه وحيثما ارتكبوه كونه من أشد الأخطار التي تهدد السلم والأمن العالميين. وشددت المملكة في مداخلة خلال الجلسة الافتتاحية للقمة التي رأس وفد المملكة فيها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - معالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، على أن مكافحة الإرهاب والتطرف وتعزيز قيم الاعتدال مسؤولية دولية تتطلب التعاون والتنسيق الفعال بين الدول، مؤكدة ضرورة محاربة ومنع جميع مصادر ووسائل وقنوات تمويل الإرهاب، وضرورة تعزيز المعايير الثنائية والمتعددة الأطراف لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والعمل مع جميع الشركاء لمكافحة استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لأغراض إرهابية أو إجرامية.
وناقشت قمة مجموعة العشرين، التي استضافتها العاصمة الأرجنتينية بيونس أيريس عام 2018م، العديد من الموضوعات الاقتصادية المهمة المطروحة على جدول أعمال القمة، من أهمها الاقتصادات الرائدة الدولية المطروحة والاستقرار المالي العالمي والتنمية المستدامة، واستدامة المناخ، ومستقبل البنية التحتية والطاقة والغذاء. ورأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وفد المملكة المشارك في أعمال قمة قادة دول مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية عام 2019م. وألقى سمو ولي العهد كلمة في الجلسة الختامية للقمة (الرابعة عشرة لمجموعة العشرين)، أشاد فيها ببرنامج عمل مجموعة العشرين خلال الرئاسة اليابانية، وتركيزها على بناء مستقبل اقتصادي يتمحور حول الإنسان، ومواجهة التحديات الديموغرافية والتقنية، مؤكداً أن المملكة ستواصل دعمها للرئاسة اليابانية لتنفيذ برنامج العمل خلال بقية العام. وتناول سموه خلال كلمته تولي المملكة العربية السعودية رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر 2020م، مؤكداً العزم على مواصلة العمل لتحقيق التقدم المنشود في جدول أعمال المجموعة، والعمل مع الدول الأعضاء كافة، وبخاصة أعضاء الترويكا دولتي اليابان وإيطاليا، لمناقشة القضايا الملحة في القرن الواحد والعشرين.
وفي الثاني من شهر شعبان لعام 1441هـ الموافق 26 مارس 2020 م، عقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - القمة الاستثنائية الافتراضية لقادة مجموعة العشرين (G20)، وناقشت سبل المضي قدماً في تنسيق الجهود العالمية لمكافحة جائحة كورونا، والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي. وصدر بيان عقب انعقاد أعمال قمة قادة دول مجموعة العشرين الاستثنائية الافتراضية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، وتناول أهمية الترابط بين دول مجموعة العشرين خاصة مع ظهور جائحة كورونا، معرباً عن بالغ الأسى والحزن تجاه المأساة الإنسانية والخسائر في الأرواح والمعاناة التي ألمت بشعوب العالم نتيجة هذه الجائحة، مؤكدين خلال البيان التزامهم التام ببذل كل ما يمكن للتغلب على هذه الجائحة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، متناولاً التدابير الفورية لدعم اقتصاد دول العشرين، وحماية العاملين والشركات وتحديداً المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة - والقطاعات الأكثر تضرراً، بالإضافة إلى حماية الفئات المعرضة للخطر من خلال توفير الحماية الاجتماعية الملائمة، منوهين بضخ أكثر من 5 ترليونات دولار في الاقتصاد العالمي، كجزء من السياسات المالية والتدابير الاقتصادية وخطط الضمان المستهدفة لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة.
وفي مدينة روما بالجمهورية الإيطالية، عقدت قمة قادة مجموعة العشرين لعام 2021م، عبر الاتصال المرئي، ورأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ وفد المملكة. وألقى خادم الحرمين الشريفين، - أيده الله - في الجلسة الأولى بعنوان «الاقتصاد العالمي والصحة» كلمة تناول فيها ظروف جائحة كورونا، ودور مجموعة العشرين المحوري لمواجهتها، والإجراءات غير المسبوقة للتعامل معها، وقيادة المملكة، بتعاون دول مجموعة العشرين جهود الاستجابة الدولية لهذه الجائحة، وآثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، مستعرضاً، - أيده الله -، تعامل المملكة مع الجائحة؛ والسياسات التي اتخذتها منذ بداية الأزمة؛ التي أسهمت في تخفيف آثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية وساعدت على سرعة التعافي. ونوه خادم الحرمين الشريفين بمشاركة المملكة دول العالم حيال تحديات التغير المناخي، وآثاره الاقتصادية والاجتماعية، مؤكداً مواصلة دورها الرائد بتزويد العالم بالطاقة النظيفة، من خلال دعم المزيد من الابتكار والتطوير، داعياً تبني حلول أكثر استدامة وشمولية، تأخذ بالاعتبار الظروف المختلفة لدول المجموعة.
ورأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وفد المملكة في قمة دول مجموعة العشرين في مدينة بالي بجمهورية إندونيسيا عام 2022م. وعلى هامش القمة التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس وفد المملكة المشارك في قمة قادة دول مجموعة العشرين، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا، وجرى خلال اللقاءات، استعراض العلاقات الثنائية، وآفاق التعاون في شتى المجالات، إلى جانب بحث المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها. وبعث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، برقية شكر، لفخامة الرئيس جوكو ويدودو رئيس جمهورية إندونيسيا، إثر مشاركته في قمة قادة دول مجموعة العشرين، مهناً بنجاح جمهورية إندونيسيا الشقيقة في استضافة هذه القمة وعلى النتائج الإيجابية التي توصل قادة مجموعة العشرين إليها، مؤكداً على أهمية ما صدر عنها من قرارات تسهم بشكل كبير في دعم التعاون بين دول المجموعة، وتعزيز معدلات نمو الاقتصاد العالمي.
وتتولى جمهورية الهند رئاسة مجموعة العشرين لعام 2023م، تحت شعار «أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد»، وتضم مجموعة العشرين المملكة العربية السعودية، والأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، وروسيا، وجنوب إفريقيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ثم الاتحاد الأوروبي المكمل لمجموعة العشرين. إلى جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وتمثل مجموعة العشرين الاقتصادية (الدول الصناعية وغيرها من الدول المؤثرة والفاعلة في الاقتصاديات العالمية )90 % من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و80 % من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى أنها تمثل ثلثي سكان العالم. وتأتي أهمية هذه المجموعة ليس على المستوى الاقتصادي والتعاون فيما بينها فحسب، بل كونها تمثل ثلثي سكان العالم، أي غالبية الدول ومن ثم فإن النتائج لاجتماعات مجموعة العشرين سيكون لها نتائج إيجابية حاضراً ومستقبلاً؛ كونها أيضاً لا تتوقف على الجانب الاقتصادي فقط بل تشمل الجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية، كون الاقتصاد هو المحرك الرئيس للسياسة التي قد تنعكس سلباً أو إيجاباً على الحياة الاجتماعية للشعوب.