العقيد م. محمد بن فراج الشهري
في يوم الثلاثاء (22) أغسطس 2023م، عقدت مجموعة دول (البريكس) اجتماعها في جنوب إفريقيا، وفي هذا الاجتماع تبحث دول (البريكس) التي تتألف من دول (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) تبحث توسيع عضويتها بعد أن أبدى عدد من البلدان معظمها من جنوب العالم اهتماماً بالانضمام ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية. وبريكس (BRICS) تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة التأسيس في سبتمبر - أيلول عام 2006م حينما عقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل، روسيا، الهند، الصين، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ويضم هذا التكتل (5) دول تعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم وكلمة بريكس (BRICS) بالإنجليزية عبارة عن اختصار يضم الحروف الأولى للدول الخمس وعلى مدار السنوات الماضية أصبحت مجموعة بريكس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، نظراً لأرقام النمو التي بدأت تحققها دول هذا التكتل مع توالي السنوات، مما جعلها محط اهتمام عديد من الدول التي تتطلع إلى خلق مستقبل اقتصادي متين لا يتزعزع، ولكي نعطي صورة أوضح عن هذه المجموعة ونشأتها والتأسيس، فعلى هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر عام 2006م في نيويورك كان الاجتماع الأول ولأول مرة بين كل من/ البرازيل، روسيا، الهند، الصين، لإعلان بداية تعاون مشترك بين مجموعة دول كانت تسمى (بريك - BRIC)، ثم في يونيو عام 2009م عقد رؤساء هذه الدول وهم البرازيلي ليوس ايناسيو لولادي سيلفا، والروسي ديمتري ميدفيديف، والهندي مانموهان سينغ، والصيني هو جينتاو، اجتماعهم الأول بمدينة (ييكاتيرينبرج) في روسيا، ورفعوا درجة التعاون لدول (بريك) إلى مستوى القمة.. ثم أعلن الرؤساء تأسيس تكتل اقتصادي عالمي من شأنه أن يكسر هيمنة الغرب، وينهي نظام القطب الواحد الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي العالمي، إصلاح المؤسسات المالية، وكذلك مناقشة الكيفية التي يمكن بها لهذه البلدان أن تتعاون فيما بينها على نحو أفضل مستقبلاً، ومع انضمام جنوب إفريقيا رسمياً لهذا التكتل الرباعي بمناسبة القمّة الثالثة للمجموعة, التي عقدت في الصين يوم 14 أبريل 2011م غيّرت المجموعة اسمها إلى كلمة (بريكس) عوضاً عن (بريك) وفكرة أو مصطلح (بريك) صيغ لأول مرة عام 2001م عن طريق/ جيم أونيل كبير خبراء الاقتصاديين في مؤسسة الخدمات المالية ولاستثمارية الأمريكية (غولدمان ساكس - Goldman Sachs)، وذلك في أثناء دراسته وصف الأسواق الناشئة في الدول الأربع المؤسسة للمجموعة وفق الأهداف التي قامت المجموعة برسمها وهي عشرة أهداف مهمة خاصة إذا ما علمنا أن هذه الدول تشكل مجموعة نحو 40 % من مساحة العالم، ويعيش فيها أكثر من 40 % من سكان الكرة الأرضية، حيث تضم أكثر من (5) دول مساحة في العالم، وأكثر كثافة سكانية، وهي بذلك تهدف إلى أن تصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة ( مجموعة السبع G7 ) التي تستحوذ على 60 % من الثروة العالمية، وهذا ما تثبته الأرقام الصادرة عن مجموعة بريكس، التي تكشف عن تفوقها لأول مرّة على دول مجموعة السبع، فقد وصلت مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5 % بينما توقفت مجموعة السبع عند 30.7 % إلى جانب ذلك تعمل مجموعة بريكس على تحقيق مجموعة من الأهداف، والغايات الاقتصادية، والسياسية، والأمنية عبر تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم، والتعاون الاقتصادي بين الدول الخمس، وهو ما من شأنه أن يسهم في خلق نظام اقتصادي عالمي ثنائي القطبية، عبر كسر هيمنة الغرب بزعامة أمريكا بحلول عام 2025م، ومن بين الأهداف الرئيسية الأخرى للمجموعة رغبة القوى الخمس الناشئة في تعزيز مكانتها على مستوى العالم من خلال التعاون النشط فيما بينها، وذلك من خلال:
1 - السعي إلى تحقيق نمو اقتصادي شامل بهدف القضاء على الفقر ومعالجة البطالة وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي.
2 - توحيد الجهود لضمان تحسين نوعية النمو عن طريق تشجيع التنمية الاقتصادية المبتكرة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة.
3 - السعي إلى زيادة المشاركة والتعاون مع البلدان غير الأعضاء في مجموعة بريكس
4 - تعزيز الأمن والسلام من أجل نمو اقتصادي، واستقرار سياسي.
5 - الالتزام بإصلاح المؤسسات المالية الدولية، حتى يكون للاقتصاديات الناشئة، والنامية صوت أكبر.
6 - العمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على استقرار النظم التجارية متعددة الأطراف.
7 - السعي إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للآلية المتعلقة بالتنمية المستدامة.
8 - التنسيق والتعاون بين دول المجموعة في مجال ترشيد استخدام الطاقة.
9 - تقديم المساعدة الإنسانية والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية.
10 - التعاون بين دول بريكس في العلوم والتعليم والمشاركة في البحوث الأساسية والتطور التكنولوجي المتقدم.
وبهذا أصبحت مجموعة بريكس محل اهتمام أغلب دول العالم خاصة بعد الحرب الأوكرانية وما رافقها من إعادة تشكيل نظام عالمي جديد على هذا الأساس ومن خلال قمة بريكس التي عقدت في مدينة شيامن الصينية عام 2017م نوقش ما اصطلح عليه باسم خطة (بريكس بلس + BRICS ) التوسعية، التي ترمي إلى إضافة دول جديدة للمجموعة، وفي مارس من عام 2023م، أكدت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندو ، زيادة اهتمام العديد من دول العالم للانضمام إلى هذه المجموعة مشيرة إلى أن (12) دولة أيدت رغبتها إلى الانضمام إلى المجموعة، ومن بينها المملكة العربية السعودية وذلك للنظرة الثاقبة التي يمثلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، والذي أثبت قدرته على الخروج إلى مصادر وميادين عالمية تعود بالنفع، والفائدة العظيمة على المملكة، ومستقبلها الاقتصادي، والسياسي، والعسكري، وعدم الخضوع لأي هيمنة أياً كان مصدرها ورغم معارضة أمريكا والغرب لانضمام المملكة لهذه المجموعة لأهداف معروفة مسبقًا، وإثارة بعض الزوبعات، والحركات المكشوفة لتعطيل هذا التوجه، إلا أن المملكة في السنوات الأخيرة أخذت طريق الاعتماد على النفس، والاعتماد على ما يعود عليها وعلى شعبها بالاستقرار على كافة الصعد بقيادة الملك سلمان وولي عهده، الذي يعرف تماماً ما يفكر فيه الغرب والشرق ويدرك تماماً أين يتوجه، وكلنا ثقة كاملة وتامة بما يقوم به ولي العهد وما يتخذه من تحالفات أو أي إجراءات أخرى تعود على الوطن بالهيبة أولاً والاستقرار، والتنوع السياسي، والدبلوماسي، والعسكري، حسب ما تقتضيه مصلحة الوطن، وما تمليه الأحداث من تغيرات.