د. إبراهيم بن جلال فضلون
«كالراقصة على فوهة بركان»، أعجبتني الكلمات الثلاث وحرفيها، رغم أن مبتدأها محذوف «أوروبا»، وهي المقصودة في عبارة أو جملة محنك سياسي كالرئيس الفرنسي السابق ساركوزي في معرض حديثه عن استمرار النزاع في أوكرانيا وطولة أمده يجعل من القارة الأوروبية العجوزة كراقصة على فوهة بركان من الحروب لاسيما ودلائلها كثيرة هنا وهناك، فكل يوم يذهب عنا نجد الدول الأوروبية تفقد قوتها في كل مكان بالعالم، بعدما كانت سيدة بيضاء يخدمها من حولها من العالم أو الشعوب التي عانت ويلات استعمارها، ولا زالت كفرنسا مثلاً فقدت أكبر منتج لليورانيوم بإفريقيا «النيجر» بل وآخر موطىء قدم لها بعد انقلاب عسكري على رجلها «بازوم»، ورفض العربية دولة الجزائر استخدام فرنسا لأجوائها لضربات جوية، ناهيكم أيها العالم عن المشكلات التي تسبح فيها القارة الأوروبية والضعف الأمريكي المهين بعد انسحابها من أفغانستان وتدمير دولنا العربية بحجة النووي، وما ألم بهم من عواصف كشفت ستارهم من كوفيد 19 والحرب الأوكرانية ومشكلات الغذاء العالمية حتى التضخم وأسعار الفائدة وتحكم الدولار في الأسواق، وزيادة الرغبة الدولية في التلاحم ضد العملة الخضراء التي تقودها منظمات تفتخر بوجودها الاقتصادي كالماسونية العالمية وغيرها، ممن أنشأوا لنا الإرهاب وتنظيماته الإرهابية لبيع وتسويق الدمار لنا وعلى أراضينا.
والآن اللطمات تتوالى من مشروع الصين العظيم وطريق الحرير والتمدد الروسي بعالمنا وتحالفاتهم القوية التي كان آخرها تحالف دول «بريكس» الخمس (الصين وروسيا وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل)، والإعلان عن توسيع المجموعة لتشمل 5 دول إضافية، مع إمكانية انضمام عضو سادس في السنوات المقبلة.
إذاً فاستمرار النزاع في أوكرانيا يجعل أوروبا ليست فقط «كالراقصة على حافة فوهة بركان»، بل الميت الذي لا يجد أنفاساً له في أي مكان، لذا عليهم أن يعوا ويفهموا أن حياتهم لا وجود لها بلا سلام لنا، كما أن قضية انضمام أوكرانيا إلى حلف الـ»ناتو» سيؤدي إلى تدهور الوضع، فأوكرانيا يجب أن تظل دولة محايدة، وبالتالي يجب الشروع في مفاوضات لإيجاد مخرج لهذا النزاع الذي تسعى له الدول العربية لاسيما المواقف السعودية في دعم ذلك آخرها قمة جدة وتبادل الأسري والآتي أكثر، ونحن نتحدث للآن عن 500 ألف قتيل من طرفي النزاع...
إذاً صدق العجوز «ساراكوزي»: «على عقلاء العالم أن يجتمعوا حول طاولة المفاوضات، وتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا وبدء النقاشات؛ لإدراك ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق على الأقل، دون تدمير أوكرانيا أو روسيا؟ روسيا لن تنتهي أبدًا وستبقى قوية»، وهنا أقف على الجملة الأخيرة «روسيا لن تنتهي أبدًا وستبقى قوية»، ما معناها إلا إذا كانت سياسياً ذات دلالات خاصة من محنك سياسي ورئيس دولة كُبرى، وكأنهُ يعني أن أوروبا لا تستطيع أن تُجاري قوة روسيا، أكبر قوة نووية في العالم في قلب أوروبا، وهذه حقيقة فاجتماع دول أوروبا وإطالة أمد الحرب لم يجعل روسيا العظمى تركع، فقط كنا ضد تشريد الأبرياء في تلك الحرب، وبالتالي أفضل طريقة لمساعدة أوكرانيا «المغيبة» الآن وهي تضرب هنا وهناك بأسلحة أوروبية تتفاخر بها هي التوقف عن التضحية بجنودها واللجوء إلى القنوات الدبلوماسية فمن الممكن الانزلاق في أي لحظة عن حافة البركان للسقوط فيها، ستنتهي الأزمة بالتوقيع علي الاستسلام كما حدثت في القصة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية فالناتو هو من اقترح الصفقة وسعي أمريكا للناتو الآسيوي يزيد الأزمة والحرب (لا تُسمن ولا تُغنى من جوع، بل لا تبقي ولا تذر على الأرض ديارا) أوروبا والعالم يرقصون.
إن روسيا ستبقى جارة لأوروبا، ومن الأهمية أن تمتد جسور العلاقات معها، كما كانت منذ قرون وستبقى تشغل الكثير منا في المستقبل، وعلى عالمنا العربي أن يعي أن أوروبا لا أمان لها في أفعالها فالحذر الحذر أيها العرب، وحفظكم الله..