محمد سليمان العنقري
منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 قبل أكثر من ستة أعوام ولم يتوقف إطلاق المشاريع والبرامج العملاقة والتي صنعت حراكاً اقتصادياً واجتماعياً على مستوى المنطقة فالتحول الاقتصادي للسعودية يعد من أضخم المشاريع على مستوى العالم حيث سيصل حجم الإنفاق عليه إلى حوالي سبعة تريليونات دولار ويرتكز على تنشيط وتطوير كافة القطاعات لتكون المملكة منافساً ورائداً عالمياً في العديد منها كالصناعات البتروكيماوية والتعدينية وخدمات اللوجستك والنقل وسلاسل الإمداد بالإضافة للسياحة والترفيه وغيرها ومن بين البرامج المهمة التي يعمل عليها بمجالات عدة هو جودة الحياة لتتناسب مع تحولات الاقتصاد وجاذبيته للمستثمرين محلياً وأجنبياً حيث تتطور المدن نحو توفير كل مقومات جودة الحياة الترفيهية والبيئية والخدماتية مع توسع كبير باستخدامات التقنية الحديثة لتيسير الأعمال وكل الخدمات العامة للسكان وقد برز في الفترة الأخيرة مشروع يصب في تعزيز دور قطاع الترفيه والاقتصاد الإبداعي عموماً وهو تطوير الرياضة في السعودية عموماً وكرة القدم على رأسها عبر رؤية ترفع من جاذبية الاستثمار بالقطاع وكذلك الوصول لمرحلة التخصيص للأندية فالأهداف المعلنة عديدة منها زيادة حجم هذا القطاع وتوليد فرص عمل فيه والوصول به ليكون من أفضل عشرة دوريات كرة قدم في العالم، وقد بدا العمل فوراً على انجاز مرحلته الاولى وينتظر الاعلان عن المرحلة الثانية قبل نهاية العام الحالي فقد اذهلت العالم صفقات انتقال اللاعبين الأجانب ممن يعدون من الأفضل عالمياً للدوري السعودي وأصبحت أخبار الأندية السعودية وتعاقداتها حديث الصحافة والإعلام عالمياً وتركزت أعين المراقبين وكبار الصحفيين ممن عرفوا بمتابعتهم لأخبار الانتقالات وتوجهات الأندية الكبرى على الدوري السعودي بشكل كبير فلا يمر يوم منذ إطلاق المشروع إلا وأخبار الكرة السعودية وما يحدث بها تتصدر المشهد الإعلامي الدولي، فالعديد منهم امتدح المشروع واعتبره إضافة مهمة لعالم كرة القدم ويزيد من حجم اقتصادياتها عالمياً كما هو الحال في أوروبا التي تستحوذ عبر أكبر خمسة دوريات فيها على النسبة العظمى من حجم اقتصاد كرة القدم بالعالم فتطور الدوريات في قارة آسيا عموماً والشرق الأوسط تحديداً سيعظم منافع رياضة كرة القدم ويرفع التنافسية في البطولات العالمية بدلاً من احتكار أوروبا وأميركا اللاتينية لألقابها.
لكن بالمقابل هناك أصوات لم يعجبها هذا التقدم المذهل بدوري كرة القدم السعودي ووجهت انتقادات له عبرت عن آراء شخصية انفعالية لا قيمة لها فعلياً لكنها تعكس جوانب مُهمٌّ النظر لها فالمنتقدون الأجانب جلهم ممن يحسبون على الدوري الإنكليزي الأول عالمياً حالياً وبلا منافس وما يستنتج من نقدهم أمران الأول أن المشروع السعودي يسير بالطريق الصحيح وأنه منافس وبدأ ليدوم ولولا أنهم ما استشعروا التنافسية التي سيفرضها الدوري السعودي لما سمعنا أصواتهم ومخاوفهم أن يسحب البساط من دوريهم أو يقلل من الجاذبية له في السنوات القادمة عندما تصبح الأندية السعودية الوجهة المفضلة لأفضل اللاعبين بالعالم تماماً كما فعل الإنجليز أو الإسبان وقبلهم إيطاليا على مدار العقود الأربعة الأخيرة فهم يرون أن آفاق المشروع السعودي واسعة وما ظهر منه هو البداية فقط ولذلك يبرز الأمر الآخر في نقدهم وهو تخوف اقتصادي بامتياز, فالدوري الإنجليزي يدر دخلاً ضخماً على الاقتصاد البريطاني بشكل مباشر للأندية ولصناعة الرياضة والنقل التلفزيوني والإعلانات وغير مباشر عبر تنشيط السياحة وزيادة الإنفاق الاستهلاكي وغير ذلك من المنافع التي اكتسبوها ولذلك قد تفهم مقاصد من يشعر بخطر المنافسة عليه وإن كان ذلك تصرفاً غير مبرر.
فهل تطوير الدوريات حلال لكم وحرام على غيركم؟ فهو لا يعجبه ما تصنعه لأنك ستكون منافساً له ولغيره فهو يعلم أن ذلك حق مشروع للجميع فكل محاولاتهم تهدف لمنع منافسة الدوري السعودي لدورياتهم لدواعٍ اقتصادية بنهاية المطاف عبر مطالبات كالتي ذكرها مدرب ليفربول بأن تصبح فترة قيد اللاعبين في السعودية نهايتها متزامنة مع نهاية الفترة في أوروبا فكل ذلك دليل على أن الدوري السعودي وضع قدمه بين الكبار في العالم.
لكن الانتقاد الذي يستغرب هو من بعض العرب إعلاميين أو عامة الناس ممن يتأثرون بحديثهم فلا دورياتهم ذات مستوى رفيع ومنافسة عالمياً بل إن الدوري السعودي وقبل إطلاق الرؤية التطويرية له فبل ثلاثة أشهر كان أفضل من دورياتهم بمراحل فعلى أي أساس يقدمون آراءهم ويحاولون التقليل مما يتم بالمملكة من نهضة رياضية. إنهم فقط منتقدون بدون علم ويحاولون أن يحصروا فكرة المشروع بإنفاق المال فقط وهذا اجتزاء ينم عن جهل وتخلف غير مستغرب منهم فالثروات في العالم العربي وبدولهم ضخمة جداً الفارق بيننا وبينهم هو كفاءة استثمارها لدينا ولذلك أصبح اقتصاد المملكة الذي تجاوز حجم ناتجه ترليون دولار كأول اقتصاد بالشرق الأوسط يصل لهذا المستوى الأكثر جاذبية للاستثمار ومن بين الأفضل نمواً بين دول مجموعة العشرين، فانتقادهم لايعدو أكثر من شعور بالإحباط للصدمة الحضارية التي استفاقوا عليها بأن المملكة ودول الخليج سبقتهم بسنوات ضوئية نتيجة للتخطيط الصحيح والواقعية وقراءة توجهات المستقبل عالمياً بينما لم يزالوا هم في وهم الشعور بأنهم الأفضل دون أي أساس فأنت لا تتقدم إلا بالعمل وليس بالأقوال والشعارات وتقليل نجاح الآخرين والتغني بأمجاد مضى عليها آلاف السنين لم تكن مشاركاً فيها ولم تحافظ على مكتسباتها هناك مقولة شهيرة «أنا أشير للقمر والساذج ينظر لإصبعي «وهو ما ينطبق على هؤلاء القلة ممن ينتقدون المشروع الرياضي السعودي ولا يعلمون أن أبعاده لا تقتصر على الرياضة التي يستهدف أن تكون جزءاً من رفع حجم الناتج للاقتصاد الإبداعي إلا أن المنافع كبيرة مثل جذب الأنظار والترويج الإعلامي والإعلاني للسياحة بالسعودية وزيادة أعداد السياح من الخارج والداخل وما لذلك من إيجابيات بتوليد فرص عمل واستثمار واسعة بعد أن أطلقت مشاريع ضخمة للنهوض بها وكذلك الانعكاس الإيجابي على الترفيه ودوره أيضاً بايجاد بيئة للمعيشة جاذبة للمستثمرين من الخارج مع الفرص الهائلة التي أطلقت بعد رؤية 2030 فالمشروع هو من ضمن سلسلة مشاريع وبرامج متكاملة مع بعضها للوصول لأهداف مرصودة تتحقق تدريجياً وعليهم أن يعتادوا على إنجاز وإطلاق المشاريع العملاقة بالمملكة في كل عام.