منذ صدور عدد مجلة (الحج والعمرة) لشهر ربيع الأول لعام 1444هـ ونحن نترقب من حين لآخر صدور عددها التالي وكنا نتوقع أن توقفها ذاك وكما يقال بمثابة استراحة محارب ومرحلة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق ووضع الخطط والتصورات للعودة مجدداً وبشكل آخر يلائم طبيعة المرحلة ومتطلباتها، إلا أنه يبدو أن عددها ذاك كان هو خاتمة المسيرة للنسخة الورقية، ومع أننا كنا نتطلع وعلى أقل تقدير خروجها في نسخة إلكترونية بعد التميز والتفوق الذي سجلته وزارة الحج والعمرة في مجال الرقمنة وتحويل معظم أعمالها للمجال الإلكتروني وهو ما يجعلنا لانزال نحتفظ بشيء من الأمل والتفاؤل بإقدامها على تلك الخطوة لا خروجها نهائياً من الساحة الإعلامية وتخليها عن دورها الإعلامي الثقافي التوعوي الهام الذي اطلعت به على مدى (78) عاماً واكبت فيه الكثير من الأحداث ومراحل تطور البلاد وتطور خدمات الحجاج والعمار، وأصبحت مرجعاً هاماً بالكلمة والصورة نعود إليها في توثيق الكثير من الأحداث والمعلومات والوقائع خاصة في مجال الحج.
ولقد جاء خروجها وتوقفها عن الصدور في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى تواجدها لتواكب هذا النسك العظيم (الحج والعمرة) وتطلعات رؤية المملكة 2030، وتكون هي لسان الحال والمرجعية الأساسية لكافة وسائل الإعلام عن هذا الموسم السنوي الذي يعد أهم وأكبر بصمة تاريخية إسلامية عالمية لحكومة المملكة العربية السعودية وتكون شاهداً ناطقاً ومرجعاً أميناً وصادقاً على عظم كل تلك الجهود والإنجازات التي تقدمها قيادة بلادنا الحكيمة وحكومتنا الرشيدة وباباً من أبواب التوعية للحاج والمعتمر، إضافة لكونها إهداءً جميلاً وراقياً يقدم لكبار ضيوف الرحمن يحمل معهم بصمة الأراضي المقدسة وعبقها الروحي الجميل.
ومجلة الحج والعمرة تعد من أوائل المجلات السعودية المتخصصة والمجلات الرصينة المتميزة في مجال (إعلام الحج) المتمثل في العناية بشؤون الحج والحجاج والعمرة وإبراز عناية ورعاية ودعم القيادة الرشيدة لكل ما يتعلق بخدمة ضيوف الرحمن وتطور العمل والخدمات والمنجزات الضخمة المقدمة لراحتهم، والتيسير عليهم لأداء هذه الشعيرة العظيمة بكل يسر وسهولة واطمئنان وهي أيضاً بمثابة ملتقى ومنتدى لنخبة مميزة من رجال الفكر والباحثين والدارسين من العلماء والمفكرين والكتاب والإعلاميين سواء محلياً أو من العالم العربي والإسلامي الذين تتنوع مشاركاتهم في كل عدد ما بين الديني، والتاريخي، والتراثي، والثقافي، والأدبي، والتقني، إلى جانب رصد أبرز التعليمات والأنظمة المتعلقة بالحج والحجاج، وإلقاء الأضواء على المشاريع الوطنية الرائدة، وكانت تصدر شهرياً باللغتين العربية والإنجليزية وفي أكثر من مائة صفحة.
حيوا تحايا المجد والإكبار
(لمجلة الحجاج والعمار)
سارت بود خالص وعزيمة
من (مكة) طارت إلى الأقطار
نهضت بتوعية ونشر ثقافة
لضيوف بيت الله والزوار
حرصت على حفظ الكنوز بهمة
وإفادة لكبارنا وصغار
قد وثقت رحلات حج جمة
وتضيء بالأنوار كالأقمار
كتبوا مقالات بها أعلامنا
فاضت مداركهم كنهر جاري
هم خيرة الكتاب في أوطاننا
أنعم بهم من قادة أخيار
ومنذ صدور هذه المجلة في شهر رجب 1366هـ الموافق نوفمبر1947م وبموافقة من المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وطوال مسيرتها مرت بعدد من المراحل المختلفة فقد بدأت باسم (الحج)، وفي عامها السادس والعشرين تغير اسمها إلى (التضامن الإسلامي) عام 1391هـ -1971م مواكبة لتلك الفترة المهمة من تاريخ الأمة الإسلامية، وفي عدد شعبان 1414هـ فبراير1994م عادت المجلة لاسمها القديم (الحج) بعد موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، وفي عام 1430هـ وبناءً على توصية الأمانة العامة لمجلس الوزراء رقم (48) في 12-2-1430هـ تغير اسمها إلى مجلة (الحج والعمرة)، وبصدور عددها رقم (901) احتفلت المجلة باليوبيل الماسي ومرور (75) عاماً على إصدارها.
وعبر مسيرتها الطويلة فقد تعاقب على رئاسة تحريرها نخبة من رجال الفكر والأدب والإعلام وكان أول رئيس لتحريرها الأستاذ هاشم زواوي، ثم الأستاذ محمد سعيد العامودي، د. مصطفى عبدالواحد، الأستاذ عبدالله عبدالمطلب بوقس، الأستاذ محمد أحمد اشي، د. عاصم حمدان، الأستاذ حسين محمد بافقيه، الأستاذ محمد صادق ذياب، الأستاذ يحيى محمد باجنيد، الأستاذ طلال بن حسين قستي.
إن الأمل لازال يحدونا في عودة هذه المجلة لسابق عهدها وبحلة جديدة لتواصل مسيرتها وتكون أحد المنابر السعودية والإسلامية الهامة، وواجهة إعلامية مميزة تعكس تراثنا الحضاري الخالد ورسالة المملكة لكافة شعوب العالم.
**
الأبيات الشعرية من قصيدة للأستاذ حاتم بن حسين قاضي نشرت بمجلة الحج -. / mishaalalh94@gmail.com