د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
أطلق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد المخطط العام للمراكز اللوجستية لتعزيز مكانة السعودية كوجهة استثمارية عالمية، وهذا الإعلان يأتي امتداداً لحزمة من المبادرات المستمرة لدعم النمو الاقتصادي وتطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمدادات العالمية كون السعودية تمتاز بموقعها الجغرافي الذي يربط ثلاثاً من أهم قارات العالم آسيا وإفريقيا وأوروبا.
يضم المخطط العام للمراكز اللوجستية 59 مركزاً بإجمالي مساحة 100 مليون متر مربع تتوزع بين 12 منطقة لكل من منطقة الرياض ومنطقة مكة و17 للمنطقة الشرقية و18 لبقية المناطق، يجري العمل حالياً في 21 مركزاً على أن تكتمل بقية المراكز في 2030، ولتعزيز هذه الاستراتيجية تم منح أكثر من 1500 شركة لوجستية محلية وإقليمية وعالمية رخصة تم منحها خلال ساعتين بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وإعلان شركة أبل كأول مستثمر دولي بإطلاق 19 منطقة لوجستية، وتوقيع اتفاقيات عدة مع كبرى الشركات العالمية لتدشين مناطقها اللوجستية في الموانئ السعودية.
يمثل قطاع الخدمات أحد الركائز المهمة في التنويع الاقتصادي والتنموي من أجل تحقيق نقلة كبرى تتناسب مع حجم ومكانة السعودية، وتوسيع إسهاماتها الاقتصادية والتنموية لتعزيز استراتيجية الصادرات، وتوسيع فرص الاستثمار، وتكريس الشراكة مع القطاع الخاص.
حيث حققت السعودية في إبريل 2023 إنجازاً نتيجة الجهود التي تبذلها في منظومة النقل والخدمات اللوجستية بعد أن قفزت 17 مرتبة عالمياً في المؤشر اللوجستي الصادر عن البنك الدولي تقدمت إلى المرتبة 38 من بين 160 دولة في الترتيب الدولي في الكفاءة اللوجستية، كذلك تقدمت 14 مرتبة في تقرير الاتحاد الدولي للنقل الجوي إيانا، وتقدمت السعودية كذلك إلى المركز الـ16 عالمياً في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية وفق تقرير الانكتاد لترسيخ تنافسيتها على الخريطة البحرية الدولية، بعدما أطلقت السعودية حزمة من خطوط الملاحة الحديثة بواقع 20 خدمة ملاحية جديدة خلال النصف الأول من 2023 لربط موانئ السعودية بالعالم، إذ بلغ حجم سوق الخدمات اللوجستية في السعودية عام 2022 نحو 132.6 مليار ريال بالتزامن مع تسجيل الناتج المحلي الإجمالي بالأنشطة النقل والتخزين والاتصالات نموا بلغ 197.36 مليار ريال في 2022 بنسبة نمو 14.06 في المائة عن 2021.
يهدف المخطط إلى تعزيز ارتباط السعودية بالاقتصاد العالمي يمكنها من استثمار موقعها الجغرافي وتحولها إلى وجهة استثمارية واقتصادية رائدة ومركز لوجستي عالمي، يأتي هذا الاهتمام متكاملاً مع الجهود السعودية التي تقوم بعقد قمم مع الصين والولايات المتحدة والدول الأوروبية وآسيان وآسيا الوسطى والآن ستعقد قمة عربية إفريقية الخامسة في الرياض والقمة السعودية الإفريقية الأولى، باعتبار أن إفريقيا كل دول العالم تتنافس عليها باعتبارها قارة تمتلك موارد خام ومعادن نادرة، بل رفعت قمة بريكس شعار بريكس إفريقيا، فيما السعودية هي أقرب الدول والأكثر ارتباطاً بإفريقيا لأن بها دولاً عربية وإسلامية وهي تتشاطأ مع الساحل الشرقي من إفريقيا.
وقد حذر بعض المحللين من أن مسار الاقتصاد الصيني الذي يسلكه يمكن أن ينجرف باتجاه نمط النمو الياباني بعد عقود من التوسع المفرط وهذا يكون سيئاً للدول التي تعتمد على الصادرات الصينية، لذلك تستعد السعودية لملء هذا الفراغ، وتكون جاهزة لنقل كثير من الصناعات إليها كما تطالب الدول الإفريقية أن تحول الصين تركيزها من تشييد البنية التحتية في القارة إلى التصنيع المحلي، بعدما انخفض تمويل البنى التحتية في أفريقيا بشدة ذروة 28.4 مليار دولار في 2016 إلى 1.9 مليار دولار في 202.
ما جعل الشركات الصينية مستعدة لتحمل بعض المخاطرة للذهاب إلى إفريقيا، لكن السعودية لا توجد فيها مخاطرة فستكون الوجهة المفضلة، خصوصاً في مجمعات التكرير والبتروكيماويات المتكاملة وتعزيز التعاون في سلاسل إمدادات الطاقة عن طريق إنشاء مركز إقليمي للمصانع الصينية للاستفادة من موقع السعودية، خصوصاً وأن الاستراتيجية السعودية تود مضاعفة قيمة الصادرات الصناعية إلى 557 مليار ريال بحلول 2030، بلغت في 2022 نحو 315.7 مليار ريال مرتفعة من 177.7 مليار ريال عام 2016، أي أن طريق الحرير الجديد وهو جسر عالمي للسعودية بين الشرق والغرب يكون محركه رؤية المملكة للتعاون والتشارك، بينما وقوده انطلاقة الشباب والابتكارات لتحقيق مصالح السعودية ومصالح جميع الشركاء في أنحاء العالم.