ليلى أمين السيف
جاء الصيف وبدأت الأجساد تتكشف ورغمًا عني وعن غيري، بالتأكيد تصطدم أعيننا بمرأى تلك الأجساد العارية والأجساد التي معظمها متناسق مشدود، وكما يقال ليس بها أي خطأ.. فسبحان الله..
وجال بخاطري تلك الصور للحلاوة المكشوفة ومنظرها المقرف يغطيها الذباب.. لا أدري إن كانت تلك الصورة قد أقنعت الكثيرات بالحجاب.. ولكنني من المحظوظات اللواتي مرت عليهن أحقابًا مختلفة من التحرر الذي أعقب العزلة والتهديدات والصراخ والوعيد من كشف الحجاب، وأن المرأة بالحجاب كالحلاوة المغلفة، فهي محفوظة عن التلوث، ومن تركت حجابها أصبحت حلاوة تجتمع عليها الحشرات والذباب..
أعتقد أن التي التزمت بحجابها نتيجة لذاك الصراخ والوعيد والمنطق السخيف - أقول أعتقد أنها الآن في دنيا أخرى وعالم لا تحسد عليه..
النساء هنا ما شاء الله.. كل واحدة أحلى من الثانية ولا تجرؤ أي ذبابة من الاقتراب منهن إلا برضاهن..
لماذا تعامل المرأة على أنها كائن أهبل فاقد للأهلية لا يحسن التصرف في درس.. أي «المجتمع» يقول لي زوجي أن معلمتهم كانت تسألهم عن كيفية معاملة المرأة.. أحياناً قد يكون سؤالها عفويًا رغم شكي في ذلك.
المهم كان رأي زوجي صادمًا للرجال الشرقيين الذين معه ولم يفهموه أبدًا..
فقد قال زوجي لهم بالحرف: إن المرأة التي تعاشرها وتدرك رجاحتها وفكرها وحسن تدبيرها لا مانع أن تعطيها راتبك كله كي تتصرف فيه، ويكون هذا بالمشاركة وتبادل الآراء سويًا.. يقول لي زوجي إن الكثيرين وقفوا ضده وقالوا إن المرأة لا تؤتمن على المال أبدًا..
فقال لهم زوجي «المرأة التي اخترتموها لتشارككم حياتكم وتنجب لكم أبناءكم وتربيهم لكم.. لا تأتمنونها على مالكم.. هل هذا يعني أن أموالكم أغلى من أبنائكم؟»
كمية تناقضات في المجتمع تصيب المرء بالذهول..
خاطب عقل المرأة.. أفهمها وعلمها لماذا عليها الالتزام بالحجاب.. اقرأ وتعلم إن لم تكن تعلم كيف تقنعها بالمنطق والحجة..
وعندما تختار أُمًّا لأبنائك تأكد أنها أمينة عليك أنت وعلى مالك وأبنائك، وعلى صحتك وأسرتك النفسية والعقلية، وأن تكون أنت أيضًا على قدم المساوة معها في الأمانة المنوطة بك.
ولا تبخسها حقها ولا تترك لها الحبل على الغارب، ليس لأنها غير مؤتمنة بل قد لا تكون لديها القدرة على تدبر الأمور.. فهي قد تكون لم تتعلم ذلك..
هناك من الطرفين من لا يجيد حتى تدبر أمور بيته أو أبنائه أو حتى نفسه، وليس ذلك لأنه غير مؤتمن ولكن لأن -للأسف- لم يحسن الولدان تعليم أبنائهم كيفية مواجهة الحياة.. وكيفية بناء عش الزوجية، وما هي العُشرة وما هو المعروف في المعاشرة..
أيها الأب علم ابنتك أن الأنثى هي أساس المجتمع، فهي إن مالت أو انحرفت مال معها وانحرف جيل كامل.. علّمها أن تحترم ذاتها وقيمتها وأن من تتباهى بجسدها فجسدها لن يجذب لها إلا كل ساقط، وأن من يعجب بجسدها اليوم سيلعن تربيتها وأخلاقها ولن يثق بها، وأن المجتمعات الغربية ذاتها تشكو من تفككها الأسري لأنهم لا يهتمون إلا بالضرائب والقوانين الوضعية، أما القيم المجتمعية فليس لها عندهم أية قيمة.. علّمها أن علمها وفكرها أسمى بكثير من جسدها المكشوف..
وكعادتي سأسرد لكم ما حدث معي ذات مرة عندما كنت أعمل في المستشفى وقد كنت ألبس النقاب كعادة أبناء جيلي في ذاك الزمان ولكنني أثناء حملي كنت أضيق من ارتداء النقاب طوال 12 ساعة عمل، فكنت أرفعه لفوق رأسي وكان بصراحة معظم شبابنا يعلمون أنني قد أكون قد رفعته فتجدهم بتلقائية يتنحنحون كي أغطي وجهي..
فقالت لي إحدى الممرضات الفلبينيات: «لماذا لا تكشفين وجهك؟ يظن الشباب أنك قبيحة!»
فهداني الله لأن أقول لها: «ليظنوا كما يشاؤون.. فظنهم لن يقدم أو يؤخر ورأيهم لا يهمني».
ويؤلمني الآن صور حجاب فتياتنا.. المهم لديهم غطاء الشعر أما معنى الحجاب فحدث ولا حرج.. هدانا الله وإياهم..
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك..