د. نوف بنت محمد الزير
ابتدأ العام الدراسي بحمد الله وتوفيقه، والذي أحدث بانطلاقته حراكًا على كافة المستويات الفردية والأسرية والمجتمعية والعلمية والتجارية والاقتصادية والوطنية، والتي من أكثرها تغريدًا ما تم تفريغه من مشاعر فيما يتعلق بالإجازة وإنجازاتها، وتجاه الاستعدادات للعام الدراسي أعني الاستعدادات الأسرية والشخصية من تقنين مواعيد النوم والاستيقاظ والوجبات والزيارات وما أشبه ذلك، وما صاحب ذلك من بهجة كثير من أبنائنا بقبولهم في جامعات مملكتنا الغالية حرسها الله. والانتقال لتجربة مختلفة من تجارب الحياة.
ومعلوم أن من أبنائنا من قُبل في الفصل الدراسي الأول، ومنهم من قُبل في الفصول القادمة: الثاني أو الثالث، أما المقبولون في الفصل الأول فإنهم بابتداء العام الدراسي تركيزهم يتوجه للتحصيل الدراسي بشكل كامل، والانسجام في المجتمع الجامعي، والانطلاق بعزم وجد نحو بوابات مستقبل الطموح بإذن الله. أما الفرصة السانحة التي أُتيحت للمقبولين في غير الفصل الأول-سواء الثاني أو الثالث- فهي أشبه بقيمة مضافة يتهيأ من خلالها الطالب للدخول لعالم الجامعة وهو أقوى عودًا وأكثر تطورًا وأعلى استعدادًا؛ ذلك أنه لديه من الوقت والفُرص ما يعين على الاستعداد المسبق لتخصصه، الاستعداد العلمي والتطوير المهاري ما يخوّله ليكون مظنة التفوّق ومحل الصدارة. وذلك من خلال عدة ممارسات أحسبها من أقوى أسباب تميّز كثير من المتألقين.
فمن التخصصات ما يتطلب مهارة لغوية عالية، ما يجعلك تراجع مستوياتك اللغوية، وتزيد تحصيلها بالدورات التدريبية والمراجعات العلمية. ومنها ما يحتاج لغة جديدة من اللغات العالمية -بناءً وتعزيزًا- ما يترتب عليه التركيز عليها وفهمها والتواصل مع المراكز التي تعُنى بتدريبها. ومنها ما يستدعي العناية بأصل التخصص مثل مراجعة حفظ القرآن لمن منّ الله عليه بحفظه، أو البدء بالحفظ والمثابرة عليه. ومنها ما يترتب عليه زيارة المراكز العلمية والبحثية المتخصصة للاطلاع على تجارب علمية والتعرف على بعض خصائص الطبيعة ومكوناتها نباتاتها وحيواناتها وموادها التي تتنوع استخداماتها وخصائصها في ذات المجال. ومنها ما يتطلب التدرب على بعض الرياضات وتحقيق مستوى معيّن من اللياقة الرياضية في مسارات واضحة ما يحبذ معه الاستفادة من جهود الأندية الرياضية. وهكذا فإن لكل تخصص نوع تحصيل يكون له رافدًا ولصاحبه مميِّزًا وللوقت استثمارًا وللمهارات بناءً وتطويرًا، وصقلًا وتعزيزًا. مع الأخذ في الاعتبار أن ثمة مهارات مشتركة مساندة وداعمة يحتاجها المتخصصون في معظم المجالات، ويستفيد منها حتى غير المتخصصين، في الحياة وعلاقاتها ومختلف مساراتها وهي كثيرة، ولعل أبرزها: انتقاء المفردات اللفظية الراقية المناسبة للمقال والمقام، كما يحدث في مهارات التواصل والاتصال، ومهارات الإلقاء الفعّال، وبناء الكلمة. لغة البدن ووزن الحركات، بحيث تتوافق مع مقتضى الحال والمقال والإرسال، فمن الإشارة ما يكون أبلغ من العبارة. الكتابة من حيث ماذا وكيف تكتب؟ ومتى وأين؟ والخط: أنواعه وأشكاله، رسمه ومعناه. الرسم والألوان فإنها اليوم تُعدّ من أهم ما يساند العلوم حيث يمكن توظيف الألوان المناسبة والرسم في مجالك أيًّا كان؛ لخدمته وإبرازه وتعريف الناس به وجذبهم إليه. التصميم بمختلف مساراته سواء كان تصميم الواجهة، الإعلان، الهوية، المكان، الإمضاء أو الاسم وهذا يمكن فيه أن تتقن أنت التصميم بنفسك، أو أدنى الكمال أن تعرف كيف تختار تصميمك المناسب وتقيّمه بناءً على المعايير الصحيحة. الحاسب الآلي، فالحاجة إليه اليوم ظاهرة في جميع التخصصات، وخاصة البرامج التي تدعم إعداد أبحاثك وتقديم واجباتك وصياغة أفكارك بطريقة علمية مواكبة. وهذا إلى جانب أنه يحفظ وقتك ويسهم في إدارة أولوياتك وحياتك، وعدم الركون للملل والسآمة، ودعم مسيرتك في ركب الساعين إلى التفوّق -فيه عنايةالنفس وتطويرها، وإعدادها لتواجه موالج الخير.. وتصعد بها إلى قمم التميّز والإبداع.. وتجعلك متفردًا بين أقرانك.. نابهًا عند أساتذتك ومعلميك، نابغاً في تخصصك حاذقًا في مهاراتك متألقًا في وظيفتك ثم مع ذلك كله مُتقنًا في نقل رسالة الحياة الإيجابية بشتى معانيها ومختلف تخصصاتها لكل من حولك. المهم أن تنطلق، والأهم أن تبدأ الآن...هيا على بركة الله والله بفضله يرعاك.. وبعونه وتوفيقه يتولاك.