الثقافية - علي القحطاني:
يُعرف الدكتور صالح الغامدي بمساهماته الكبيرة في مجال السيرة الذاتية، بالإضافة إلى جهوده المبذولة في خدمة الأدب السعودي. وقد حقق نجاحًا كبيرًا في تسلمه مناصب مهمة في رئاسة «قسم اللغة العربية « - أربع فترات - ورئاسة كلية الآداب وتأسيس كرسي الأدب السعودي، وإشرافه على معرض الكتاب الدولي بالرياض وعضوية نادي الرياض الأدبي والتقت «الثقافية» بالدكتور صالح بن معيض الغامدي الذي رأى أن تغيير مسمّى أقدم كلية في جامعة الملك سعود وكانت نواة لإنشائها من مسمّى كلية «الآداب» إلى «كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية»وأثيرت في حينها ضجة إعلامية ويرى أن تغيير المسمّى إجراء مألوف في عمليات التطوير منذ القدم، وليتناسب مع واقع تخصصات الكلية ومجالات برامجها الحديثة وكانت تجربته في تعاونه مع وكالة الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام - كما يقول عنها - مهمّة في حياته وعمل في معرض الرياض الدولي عدة سنوات وتولى إدارته في ثلاث دورات متتالية، ومن أهم تجربته مع النادي الرياض الأدبي حينما انتخب عضوًا في مجلس إدارته عام 2011م أن أوكل إليه رئاسة تحرير «حقول» المحكمة»
وحينما أنشيء كرسي الأدب السعودي بجامعة الملك سعود 2011م قام بالإشراف على إصدار أكثر من مائة ما بين كتاب ودراسة وترجمة وإقامة عدة ندوات في القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًّا، وندوة استلهام التراث في الأدب السعودي، وندوة الأدب السعودي والتراث الشعبي، وندوة المسرح السعودي بين الكتابة وتقنيات العرض. وأنشأ الكرسي كتابًا دوريًّا خصص لتحكيم أبحاث طلاب الدراسات العليا المتصلة بالأدب السعودي ومن الإشكالات التي وقف عليها في دراسته للسيرة الذاتية، التباسها بالرواية، وربما الذي عزّز هذا الإشكال أن بعض الكتاب والكاتبات عندنا قد وظفوا الرواية قناعًا لسر حياتهم أو جوانب منها في فترة من الفترات التي كان الحديث فيها عن الذات أمرًا غير موغوب فيه، وربما مستهجنًا وبخاصة من النساء ومن أهم الشهادات والجوائز التي حصل عليها؛ جائزة الملك عبد العزيز للكتاب في دورتها الأولى عام 1434-1435هـ، وتشرّف باستلامها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله - عندما كان أميرًا للرياض.
تغيير مسمّى الكلية
ترأست عمادة أول كلية أُنْشِئْتِ في جامعة الملك سعود «كلية الآداب» هل برأيك أن المسّمى الجديد للكلية وإخفاء اسمها القديم جاء لمسايرة الأنظمة والتطورات الإدارية؛ البعض يرى أنّ كلية الآداب نواة لإنشاء أقدم جامعة بالمملكة 1377هـ1957م وكان بالإمكان البقاء على الاسم التاريخي وعطف المسمّيات عليه، لا سيما وأن هذا المسمى موجود في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وجامعتي القاهرة والكويت؟
تغيير المسميات إجراء مألوف في عمليات التطوير منذ القدم، ولا أرى حقيقة بأسًا في تعديل اسم كلية الآداب ليتناسب مع واقع تخصصات الكلية هذه الأيام ويوسع من مجالات البرامج التي تستهدفها الآن أو مستقبلًا.
نعم لدينا حنين لكل ما هو مرتبط بماضينا، ولكن ينبغي لنا في بعض الأحيان التخلي عن هذا الموقف العاطفي، والنظر إلى الأمور بشيء من التعقل والموضوعية وذلك للصالح العام في بلادنا.
وزارة الثقافة والإعلام
تعاونت بالعمل مع وزارة الثقافة والإعلام مدة من الزمن وأسهمت في بعض المناشط الثقافية، ما أبرز تلك الإسهامات؟
نعم عملت مستشارًا غير متفرغ في وزارة الثقافة والإعلام / وكالة الشؤون الثقافية، وكانت تجربة مهمّة في حياتي أفدت منها ربما أكثر مما أعطيت، فقد عملت في معرض الرياض الدولي عدة سنوات وتوليت إدارته في ثلاث دورات متتالية، وعملت مع الزملاء جميعًا على أن يكون هذا المعرض من أجمل معارض الكتب العربية إن لم يكن أجملها وأهمها. وعلى الرغم الظروف الصعبة التي كنا نعمل فيها أحيانًا وبخاصة مع بعض الصعوبات، فقد تمكنّا بحمد الله من إدارة المعرض بنجاح بتعاون وتوجيهات المسؤولين في وزارة الثقافة والجهات الحكومية المتعددة التي كانت تشارك في تنظيم هذا المعرض كل عام . وهذه تجربة مهمة لعلي أكتب عنها بالتفصيل في يوم ما، كما رأست مؤتمر الأدباء الرابع الذي أقيم في المدينة المنورة عام 2013، بعنوان «الأدب السعودي وتفاعلاته» مع التقنية والآخر والفنون.
تجربتي من النادي
انتخبت في النادي الأدبي بالرياض، وعملت فيه بعض الوقت، حدثنا عن هذه التجربة؟
انتخبت عضوًا في مجلس إدارة النادي عام 2011م وعملت في مجلس الإدارة مع زملائي أعضاء المجلس، وقد شاركت في كثير من الأعمال ولعل أهمها من وجهة نظري أنه أوكل إلي رئاسة تحرير «حقول» المحكمة، وقد استمريت في هذا العمل إلى العام الماضي عندما قدمت أنا والزملاء في هيئة التحرير اعتذارنا، وترك الفرصة لهيئة تحرير جديدة.
التباس الرواية بالسيرة
دائمًا ما تركز في أوراقك العلمية أن هناك إشكالات تثيرها الرواية السعودية لدى كثير من قرائها ونقادها إشكالية علاقتها بالسيرة الذاتية ..هل لحساسية المجتمع وكثرة قيوده يخشى المؤلف من المصارحة والمكاشفة ويلجأ إلى الاختباء خلف النصّ وراء شخصية البطل؟
من الإشكالات التي تثار باستمرار علاقة السيرة الذاتية بالرواية، وربما الذي عزز هذا الإشكال أن بعض الكتاب والكاتبات عندنا قد وظفوا الرواية قناعًا لسر حياتهم أو جوانب منها في فترة من الفترات التي كان الحديث فيها عن الذات أمرًا غير مرغوب فيه، وربما مستهجنًا وبخاصة من النساء. ولكن الحالات التي تُقنع فيها بالرواية لكتابة السيرة الذاتية هي حالات قليلة يمكن أن تعد على الأصابع حقيقة. وعندما راجعت عددًا لا بأس به من القراءات النقدية التي كتبت عن بعض الروايات وجدت أن هناك ميلًا إلى قراءة كثير من هذه الروايات بوصفها سيرًا ذاتية، رغم حضور العقد الروائي فيها وغياب العقد السيرذاتي، بل وحتى رفض بعض كتابها لفكرة «سيررة» رواياتهم، ولذلك كتبت دراسة كاملة حول هذه الإشكالية ونبهت إلى عدم مشروعية كثير من هذه القراءات السيرذاتية للرواية السعودية، ولفت الانتباه إلى جناياتها الأخلاقية عندما تزيّف الأحداث التي وقعت للبطل، وبعضها سلبي جدًّا، وتجعلها أحداثًا وقعت للكاتب، وجناياتها الفنية وهي أنها تقدم قراءات سطحية للروايات تكتفي فيها بربط أحداث الرواية بكاتبها، وتتهرب من التحليل الفني الجاد للرواية.
كرسي الأدب السعودي
كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود منذ تأسيسه عام 1434هـ/2014م كان له أهداف ثقافية تصدرها نشر الكتب العلمية المحكَّمة في مجال الأدب السعودي؛ مالذي كنت تسعى إليه من خلال إشرافك على هذا الكرسي وتود تحقيقه؟
كرسي الأدب السعودي أنشىء في 9-12- 2011م بمبادرة من جامعة الملك سعود لخدمة دراسة الأدب السعودي وتاريخه بأجناسه المختلفة دراسة علمية، للإسهام في إثراء الحركة البحثية حوله وللتعريف به إبداعيًّا وعلميًّا وأكاديميًّا داخل المملكة وخارجها. وقد سعى إلى تحقيق كثير من الأهداف التي حددها في بداية إنشائه وفي السنوات اللاحقة التي كنت مشرفًا عليه فيها. ولا مجال لسرد كل الإنجازات هنا في هذه العجالة ولكني سأشير إلى أهمها: أصدر الكرسي أكثر من 100 كتاب ودراسة وترجمة، وأقام عدة ندوات علمية كبرى، شارك فيها عشرات الدارسين والدارسات من المملكة العربية السعودية ومن خارجها، ومنها ندوة القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًّا، وندوة استلهام التراث في الأدب السعودي، وندوة الأدب السعودي والتراث الشعبي، وندوة المسرح السعودي بين الكتابة وتقنيات العرض. وأنشأ الكرسي كتابًا دوريًّا خصص لتحكيم أبحاث طلاب الدراسات العليا المتصلة بالأدب السعودي في جامعات المملكة ونشرها. وكان آخر إصداراته في الفترة التي كنت مشرفًا عليه كتاب «الأدب السعودي» وهو كتاب جامعي شارك في تصنيفه بإشرافي مجموعة من الزملاء والزميلات من مناطق مختلفة في مملكتنا الحبيبة. هذا بالإضافة إلى كثير من الفعاليات والجهود التي قدمها الكرسي لخدمة العملية التدريسية داخل الجامعة، وخدمة المجتمع خارجها.
الرقابة الاجتماعية ومحاسبة الذات
السيرة الذاتية في المجتمعات المحافظة يلحظ أنها تركز على الإشادة بالقيم والمثاليات والمبالغة في الاحتفاء بالذات ولا تميل إلى المكاشفة والمصارحة والاعتراف بالسقوط والانكسار والفشل في معترك الحياة وهل للرقابة الاجتماعية دورٌ في تلميع الذات؟
لا يمكن التعميم فيما يتعلق بدرجة البوح والتعري في السيرة الذاتية فالأمور نسبية فيما أظن، فما نراه اعترافًا في سيرة قد لا يراه الآخرون كذلك، وكذلك نحن نختلف في تحديد درجة الاعتراف المسموح بها في كل مجتمع، فهي متفاوتة من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى، إن ما يسمى اعترافًا في الثقافة الغربية يسمى لدينا محاسبة للنفس، وتحدثًا بنعمة الله الذي مكّن كاتب السيرة من تجاوز سقطاته، ومن هذا المنطلق تكون هذه الاعترافات مقبولة في ثقافتنا، ومع ذلك فنادرًا ما تستساغ السير الذاتية المكشوفة الصادمة في كل الثقافات، وبعض النقاد يشبه التعري الكامل في السيرة الذاتية بتعري الجسد الذي يكون في غالب الأحيان غير جميل، وأعتقد أن الا عتدال في ذلك وإجادة أسلوب الكتابة هما خير طريق لتفادي كثير من الإشكالات المرتبطة بمسألة البوح والتعري في السيرة الذاتية. وكما أن التعري المبالغ فيه هو أمر غير مقبول في السيرة الذاتية، كذلك التحفظ المبالغ فيه في سرد تجارب الحياة السلبية والمبالغة في سرد التجارب الإيجابية، فهو غير مقبول أيضًا، ولن يكون في مقدوره إقناع القراء بمصداقية السيرة الذاتية التي يرد فيها.
الجوائز والإشادات
نلتم دكتور مجموعة من التكريمات والجوائز، لعلكم تشيرون إليها في نهاية هذا الحوار؟
الحمد لله كرمت من جهات عديدة في بلادنا مثل جامعة الملك سعود ووزارة الثقافة والإعلام ومن نادي الرياض الأدبي وغيرها من الجهات الأخرى، ولكن الجائزة التي أفخر بالحصول عليها هي جائزة الملك عبد العزيز للكتاب في دورتها الأولى عام 1434-1435هـ، وقد شرفت بتسلم شهادة الجائزة من يد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله، عندما كان أميرًا للرياض؟
** **
@ali_s_alq