اجتمعت به وزميلاتي في فصل واحد من مرحلة الدكتوراه، في مادة الأدب العربي عند المستشرقين، بقدر ثلاث ساعات في الأسبوع، وكانت تلك الساعات دروسًا في الأدب والحكمة والعلم وأخلاق العلماء، فقد كان مثالًا للسماحة والتواضع وحسن الخلق، كما كان غايةً في الكرم والعلم، فلم يألُ جهدًا في تبيان أي غامضة، أو تفسير أي معجمة، أو الاستطراد بكل ما يراه ذا نفع وفائدة لطلابه، وهو في ذلك إذا تحدث حسبته يغرف من فيض لا ينضب، فلا تراه يتململ أو يتلكأ عن إفادة طلابه، بل يحاول محاورتهم، ويتأكد من استيعابهم لمقالته قبل تركهم، وليس منا من يخرج من القاعة إلا مستمتعًا بدرسه، متشوقًا لما بعده.
وهو عربي يحب عربيته، وينافح عنها بدراسة ما كتب عنها من مقال أجنبي، ويعلم أبناءها عدم تصديق كل ما يقوله الآخرون عنها، ووجوب التنقيح والنقد والوقوف عند كل مقال وعدم التسليم المطلق بما يروى.
فإن كان للأدب معلم فهو الدكتور صالح، قد أعطى ووفى فكان خير معلم، جزاه الله خير ما جزى عباده العلماء.
** **
- ريحانة الأنصارية