م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - كلنا نعرف ما هو الفشل ومن هو الفاشل، لكن هل نعرف من هو أفشل الفاشلين؟ هو الذي يفشل حتى في فشله! فكما أن للنجاح درجات فإن للفشل درجات.. فهناك أعمق درجات الفشل التي توصل الفاشل إلى القاع، بل إلى قاع القاع.. لا أدري كيف أشرح بمزيد من التفصيل لكن يمكنني أن أتخيل أن أفشل الفاشلين هو ذلك المملوء بالشعور الكاذب بالتفوق، فيتصور فشله أنه انتصار ويهذي به أمام الآخرين على أنه قصة نجاح.. ليس ذلك وحسب، بل إنه يُصَوِّر نجاحات الآخرين على أنها فشل.. فهو لا يكتفي بأن يكذب على نفسه، بل يتعداها ويلوث نجاحات الآخرين.
2 - نوع آخر من أفشل الفاشلين هو الذي يُصْدر أحكامه وآراءه في الآخرين مهما علا شأنهم أو ارتفع مقامهم أو بَعُدَ مكانهم على أنهم جهلة فاشلون.. ولأنه لا يدري أنه لا يدري يتكئ على جنبه ويفتي في كل قضايا العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والرياضية.. فهو العارف الخبير بكل شيء.
3 - نوع ثالث من أفشل الفاشلين هو الذي يحول فشله إلى غضب على المجتمع الذي فشل فيه.. فهو يلوم الجميع إلا نفسه، لذلك يترك لنفسه المجال أن يتطاول ويتجنى على الآخرين في الطريق أو في المجالس أو في ساحات التواصل الاجتماعي.. لا لشيء سوى لأنه غاضب على العالم، لماذا فشل! ويدين العالم على أنهم سبب فشله ويريدهم أن يدفعوا الثمن.
4 - ومن هؤلاء الفاشلين حتى في فشلهم الشاب الذي تراه يقود سيارته باستهتار وتهور في الطرق، ويتصرف كلص يسرق حقوق الآخرين في الطريق.. ولا يبالي بأنظمة المرور ولا بممتلكات الناس ولا أرواحهم.. وهذا من أبرز الأسباب التي جعلت السيارات القاتل رقم واحد في المملكة.. ومصابوها يحتلون ثلث أسِرَّة مستشفيات المملكة.. هؤلاء يكون فشلهم بسبب نقص التربية، ولعل (ساهر) ينجح في تربيتهم.
5 - أيضاً من أفشل الفاشلين هؤلاء الذين لا يملكون أنفسهم وهم يقودون سياراتهم عن قراءة رسائل «الواتساب» التي تأتيهم من أشخاص فاشلين مثلهم.. مما يعني أنها رسائل لا تستحق القراءة، ناهيك عن أن تتم قراءتها وهو يقود سيارته فيتسبب في حوادث أو يعطل آلاف السيارات خلفه.. وطرقنا تعج بهؤلاء الفاشلين الذين حولوا شوارعنا إلى معركة جعلت من السيارات مصدر الهدر المالي الأول للأسر السعودية.
6 - المشكلة أن تتشكل ثقافة المجتمع على قبول هذه الممارسات، فلا يُلام ولا يُزْجر فاعلها، بل يبرر له وتوجد له الأعذار، فلا يوقف عند حده.. ويستمر في هذا السلوك الذي يطيب له ويُنَفِّس عن نفسه بأذية الآخرين.